ولا يخفى ظهور ورود ما أورده عليهم ، وأما على ما ذكرناه فلا اشكال بحمد الله المتعال.
الثاني : انهم قد صرحوا في هذا الكتاب بهذه المسئلة أعنى مسئلة اختلاف الزارع والمالك في العارية والمزارعة والإجارة ، ونقلوا فيها القولين المتقدمين ، ولم يذكروا لهما ثالثا ، وفي كتاب العارية ذكروا المسئلة وهي اختلاف المالك والمستعير بأن المالك ادعى الإجارة والمستعير العارية ، وذكروا فيها قولين : أحدهما أن القول قول المستعير بيمينه ، لان المالك يدعي الأجرة ، والأصل عدمها.
والثاني أن القول قول المالك في عدم العارية ، فإذا حلف سقط دعوى المستعير ، وثبت عليه أجرة المثل ، ولم ينقلوا القول بالقرعة هناك ، وظاهر الأكثر منهم ترجيح القول الثاني ، وظاهر العلامة في القواعد التوقف ، حيث ذكر القولين المذكورين بطريق الاحتمال في المسئلة ، ولم يرجح شيئا منهما.
وأنت خبير بأن المسئلة واحدة في الكتابين ، والقولان المذكوران في كتاب العارية يجريان فيما هو مذكور في هذا الكتاب ، واستدل للقول الأول كما ذكره جملة منهم بأنهما قد اتفقا على أن تلف المنافع وقع على ملك المستعير ، وأن تصرفه فيها كان مباحا ، وانما يختلفان في أن ذلك بأجرة أم لا والأصل عدم الأجرة ، فإذا حلف الراكب على نفى الأجرة ثبت ذلك له.
وعلل القول الثاني بأن المنافع أموال كالأعيان فهي بالأصالة لمالك العين ، وادعاء المستعير ملكيتها بغير عوض على خلاف الأصل ، وأصالة براءة الذمة انما تصح من خصوص ما ادعاه المالك ، لا من مطلق الحق ، بعد استيفاء منفعة ملك غيره وحينئذ فيحلف على نفى العارية ، ويثبت له أجرة المثل بالتقريب المتقدم ، وظاهر المحقق الأردبيلي (رحمهالله عليه) ، في شرح الإرشاد تقوية القول الأول من هذين القولين ، حيث قال بعد ذكر التحالف من الطرفين كما صرحوا به في المسئلة المذكورة في هذا الكتاب : على نحو ما قدمناه ، وإن للمالك بعد