فطلبه هنا لا يستلزم الإقرار ، إذ قد يكون ذلك لأجل رفع المنازعة والمخاصمة وخالف فيه بعض العامة حيث زعم أن الصلح لا يصح الا مع الإقرار : وفرع على ذلك ان المدعى عليه لو قال قبل الإقرار صالحني على العين التي أدعيتها يكون ذلك منه إقرارا ، لأنه طلب منه التمليك ، وهو يتضمن الاعتراف بالملك ، فصار كما لو قال : ملكني وفيه أنه متجه بناء على أصله المذكور من حيث تخصيص الصلح بالإقرار وأما على ما هو المتفق علة عندنا وعند جملة منهم من صحة وقوعه على الإقرار والإنكار ، فطلبه لا يكون موجبا للإقرار.
نعم لو قال : بعني أو ملكني اقتضى ذلك الإقرار بعدم ملكه له ، لانه صريح في طلب التمليك المنافي لكونه ملكا له ، لاستحالة تحصيل الحاصل ، وبالجملة فإنه لا إشكال في إقراره بعدم الملك بقوله ذلك.
بقي الكلام في أنه هل يكون بذلك ملكا لمن طلب منه البيع أو التمليك أم لا؟ الأقرب العدم ، لانه يحتمل أن يكون المطلوب منه وكيلا ، وإذا قام احتمال ذلك لم تتم الدلالة على كونه ملكا له.
وبالجملة فالمترتب على الإقرار المذكور هو كونه مالكا ليبيع ، لا مالكا للمبيع ، لأنه أخص ، والعام لا يدل على الخاص.
وقيل : نعم لو اقترن بذلك كون المطلوب بيعه تحت يد المخاطب ترجح جانب ملكه ، لدلالة اليد على الملكية ، والأصل عدم مالك آخر ، قال في المسالك : وقد تنبه لذلك العلامة في المختلف والشهيد في الدروس وهو قوى. انتهى.
أقول : لا يخفى أن ما تقدم من الكلام وبه صرحوا أيضا أن مبنى الشك في كونه ملكا لمن طلب منه البيع وعدمه ـ انما هو على إقراره من غير انضمام شيء آخر له من خارج يدل على الملكية أو عدمها ، والا فمع انضمام ما يدل على أحد الأمرين لا إشكال في الحكم بما دل عليه.
وبه يظهر أن ما ذكروه من هذا الفرع لا أعرف له مزيد فائدة على أن ما ذكروه من مجرد دلالة اليد على الملكية محل توقف ، بل لا بد مع ذلك من ادعاء الملكية ، والا فإن المال في يد الوكيل أيضا لكنه معترف بالوكالة عن الغير ،