رأى منه شيئا من ذلك أن يستر عليه وما أحب له أن يأخذ منه شيئا بغير علمه» (١). الى غير ذلك من الاخبار الاتية في محالها إنشاء الله تعالى.
فهل تجد للشركة فيها معنى غير المعنى الأول ، وهو اجتماع حقوق الملاك في الشيء الواحد على سبيل الإشاعة ، وأي قرينة فضلا عن الدلالة على العقد المذكور. نعم قد يكون سببها العقد كما تقدم بان يشترى اثنان مالا انصافا أو أثلاثا أو يشترى نصف حيوان بنصف حيوان آخر ، وقد يكون سببها الإرث ، ونحوه مما تقدم ، وعرفها بعضهم شرعا بأنها عقد جائز من الطرفين ، الى آخر ما تقدم في كلام الشهيد الثاني ، وأنت خبير بما ذكرنا بأنه لا عقد بالكلية ولا عاقد ، وانما الشركة هي اجتماع الأموال على الوجه المذكور ، فلا معنى لوصفه بالجواز.
نعم ، البقاء على حكمه أمر جائز بمعنى أنه لا يجب عليه الصبر على الشركة ، بل يجوز رفعها ، وأخذ حصته ، ثم بعد اجتماع هذه الأموال واشتراكها وامتزاجها لا يصح لأحد الشركاء التصرف فيها إلا بإذن باقي الشركاء ، وإذا أذن كل منهم لصاحبه صح التصرف في مال نفسه ومال غيره ، وهذه ثمرة العقد عندهم.
قال في التذكرة : الثاني الصيغة ، وقد بينا أن الأصل عصمة الأموال على أربابها وحفظها لهم ، فلا يصح التصرف فيها إلا بإذنهم ، وانما يعلم الرضا والاذن باللفظ الدال عليه ، فاشترط اللفظ الدال على الاذن في التصرف والتجارة ، فإذا أذن كل واحد منهما لصاحبه صريحا فلا خلاف في صحته.
__________________
(١) الظاهر أن النهى في هذه الرواية عن أخذ عوض ما خانه محمول على الكراهة ويشير اليه قوله وما أحب والأمر بالستر عليه وبذلك صرح ابن إدريس في كتابه حيث قال : ومتى عشر أحد الشريكين على صاحبه بخيانة فلا يدخل هو في مثلها اقتصاصا منه ، وذلك على طريق الكراية دون الحظر لأنه إذا تحقق أخذ ماله وعلم ذلك يقينا فله أخذ عوضه ، وانما النهى على طريق الكراهة والاولى والأفضل انتهى. وقال ابن الجنيد إذا وقف أحد الشريكين على أن شريكه قد خانه لم يجز له أن يخونه ، وهو صريح في التحريم والظاهر هو الأول وبه صرح العلامة في المختلف ايضا. والله العالم. منه رحمهالله.