توزيعها يختلف بحسب الدعوى ، إنما الاختلاف في الزائد فيقدم قول منكره ، وضابط التحالف أن لا يتفقا على شيء كما لو قال : آجرتك الشيء الفلاني ، فقال : بل الفلاني ، أو آجرتك البيت فقال : بل الحمام ، ومثله ما تقدم في البيع إذا اختلفا في قدر المبيع ، وفي تعينه ، فالقول بالتحالف هنا دون البيع غير جيد ، انتهى.
وفيه ما عرفت آنفا من أن هذا إنما يتم لو لم يرجع المالك ، ويدعي على المستأجر ما ذكره من اجارة ذلك البيت المخصوص وإلا فإنه بعد دعواه هذه لا مخرج منها إلا أن يحلف المستأجر ، فمادة الاشكال ودفع القيل والقال لا يتم الا بالتحالف ، على أن ما ذكره من اتفاقهما على وقوع الإجارة على البيت ، وعلى استحقاق الأجرة المعينة مما لا يسمن ولا يغني من جوع ، وان كان الأمر كما ذكره بالنسبة إلى ظاهر الدعويين ، الا أنه متى حلف المالك على نفي اجارة الدار وانتفت الإجارة ، والمستأجر لا يدعى البيت ، بل ينكره فأي ثمرة لهذا الاتفاق ، بل لا وجود له ، وهكذا الكلام في الأجرة ، وما ذكره من الاستناد الى ما تقدم في البيع وأنه كيف يقال بالتحالف هنا دون البيع ، ففيه أن القول بالتحالف ثمة أيضا موجود ، وان كان خلاف ما يختاره كما هنا (قدسسره) وقد قدمنا نقله في جملة من صور الاختلاف بين المتبايعين في المطلب الرابع في اختلاف المتبايعين من الفصل الرابع في أحكام العقود (١).
وأما ما ذكره من القاعدة في التحالف فانى لم أقف عليها إلا في كلامه في هذا الموضع ، وفي كتاب البيع ، ولا يحضرني الآن شيء من الأخبار الواردة بالتحالف ، ولعل هؤلاء القائلين بالتحالف لا يثبتون هذه القاعدة ، على أنه بناء على ما ذكرناه من وجه التحالف في الصورة المذكورة ، فإنها ترجع الى هذه القاعدة أيضا لأنهما لم يتفقا على شيء ، وان أوهم تصوير المسئلة ذلك في بادى الرأي ، لأنه متى كان المالك يدعي إجارة البيت خاصة ، والمستأجر ينكره ، والمستأجر يدعي إجارة
__________________
(١) ج ١٩ ص ١٩٠.