ثمرة اشتراطه في المقام ، وارادة المطابقة حقيقة ـ لو فرض قصدهما كذلك ، مع كونه لا يترتب عليه أثر ولا ثمرة مهمة ـ نادر ، والأحكام إنما تبنى على الأفراد الغالبة المتكررة ، وكيف كان فالمسئلة في محل من الأشكال والله سبحانه العالم.
الخامس : أن تكون المنفعة مباحة ، والكلام هنا في موضعين الأول : الظاهر أنه لا خلاف في تحريم اجارة البيت ليحرز فيه الخمر ، والدكان ليبيع فيه الآلة المحرمة ، والأجير ليعمل له مسكرا ، بمعنى أن الإجارة وقعت لهذه الغايات أعم من أن يكون قد وقع شرطها في متن العقد أو حصل الاتفاق عليها.
ويدل عليه رواية جابر (١) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه الخمر ، قال : حرام أجرته».
إنما الخلاف هنا في موظعين أحدهما أنه هل تكون الإجارة باطلة ، وكذلك البيع ، أو أنه يصح ذلك وان أثم ، فالمشهور الأول وقيل : بالثاني ، ولعل وجهه أن النهى إنما يفيد البطلان في العبادات ، لا في المعاملات ، وفيه أن مقتضى ما قدمنا تحقيقه في هذه المسئلة من التفصيل بأنه ان كان النهى راجعا إلى شيء من العوضين بمعنى عدم صلاحيته للعوضية ، فإن النهي يدل على البطلان ، وان كان راجعا إلى أمر خارج كالبيع وقت النداء يوم الجمعة ، فإن غاية النهى الإثم خاصة من غير أن يبطل العقد ، وما نحن فيه إنما هو من قبيل الأول بمعنى عدم صلاحية المبيع للانتفاع والانتقال ، كما في بيع الغرر ونحوه ، وبه يظهر قوة قول المشهور.
وثانيهما أنه لم يقع الإجارة لهذه الغايات ولكن يعلم أن المستأجر والمشترى يعمل ذلك ، وذهب جمع منهم الشهيد في المسالك وتبعه المحقق الأردبيلي إلى أن حكمه كالأول في التحريم والبطلان ، لأنه معاونة على الإثم ، للنهي عنه في الآية الشريفة (٢) ، والخبر المتقدم وذهب جمع إلى الجواز ، ويدل عليه جملة من الأخبار
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٢٧ ح ٨ ، التهذيب ج ٧ ص ١٣٤ ح ٦٤ وفيه عن صابر الوسائل ج ١٢ ص ١٢٥ ح ١.
(٢) سورة المائدة ـ الاية ٢.