إلحاق في المقام :
وهو يشتمل على جملة من الأحكام ، أحدها ـ أنه إذا استعار شيئا للانتفاع به في شيء مخصوص ، فانتفع بها في غيره فظاهر الأصحاب الحكم عليه بالضمان لتعديه في العين بالتصرف فيها على غير الوجه المأذون له فيه وتلزمه الأجرة لمثل ذلك العمل وهو ظاهر.
وثانيها ـ أنه إذا جحد العارية فالقول قوله بيمينه ، لأن الأصل العدم ، فإن أثبتت المالك عليه صحة الدعوى المذكورة زال استيمانه ، ولزمه الضمان ، والظاهر أن الكلام هنا كالكلام في الوديعة لو جحدها ، وأثبتها المالك عليه ، وقد تقدم تفصيل البحث في ذلك في كتاب الوديعة.
وثالثها ـ ما إذا ادعى التلف ، فان القول قوله بيمينه عندهم ، وقد عرفت ما فيه في المسئلة الأولى من مسائل هذا الفصل في كتاب الوديعة (١).
ورابعها ـ ما إذا ادعى الرد على المالك ، فان القول قول المالك بيمينه ، لأنه منكر ، والأصل عدمه ، وقد تقدم في كتاب الوديعة أن المشهور فيما إذا ادعى الودعي الرد على المالك أن القول قول الودعي بيمينه ، مع أن الأصل عدم الرد ، وعموم البينة على المدعى ، الا أنهم فرقوا بينه وبين العارية ، بأن الودعي إنما قبض لمصلحة المالك فهو محسن محض ، و « ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (٢) ،» وأنت خبير بما فيه ، حيث أن هذه العلة غير منصوصة ، مع مخالفة ما ذكروه في الوديعة للقواعد الشرعية ، ولهذا توقف جملة من الأصحاب في حكم الوديعة كما تقدم ذكره ثمة ، واستشكلوا القول المشهور وهو في محله لما عرفت.
قال في المسالك : واعلم أن هذه العلة تجري في كثير من أبواب تنازع المستأمنين ، الا أنها تقتضي قبول قول الوكيل في الرد لو كان بغير جعل ،
__________________
(١) ص ٤٥٥.
(٢) سورة التوبة ـ الاية ٩١.