الاتفاق أو عدل إلى المساوي والأدون مع النهي ، أو الإطلاق بناء على ما اخترناه ، فهل يلزمه الأجرة بمجموع الزرع أو يسقط منها مقدار أجرة المأذون فيه وتثبت الزيادة خاصة إشكال ، ينشأ من أنه قد تصرف في ملك الغير بغير اذنه ، فان هذا التصرف الذي فعله غير مأذون فيه ، وبموجب ذلك يلزم ثبوت الأجرة كملا ، ومن أنه قد إباحة المنفعة المخصوصة بذلك الفرد الذي أذن فيه ، فلا عوض لها ، فإذا تخطي الى غيرها كان مقدار منفعة ما أبيح له حلالا ، لا عوض فيها ، وإنما العوض للزائد ، وعلى هذا لا يحصل في المساوي والأقل ضررا إلا الإثم خاصة.
والظاهر أن الأول أقوى ، لأن ما أذن فيه المالك لم يستوفه ، وما استوفاه غير مأذون فيه بالكلية ، فتصرفه حينئذ عدوان محض ، وكون المالك أحل له التصرف في ذلك الفرد لا يستلزم اجزاء قدر ما فيه من المنفعة في هذا الفرد الذي تصرف فيه من غير اذن ، فيجعل الضمان في ما زاد عن ذلك ، لأن تلك المنفعة مخصوصة بذلك الفرد المجاز ، لا تعلق لها بهذا الفرد الأخر.
نعم لو كان المأذون فيه داخلا في ضمن الفرد المنهي عنه كما لو أذن له في تحميل الدابة قدرا معينا ، فزاد عليه ، أو أذن له في ركوبها بنفسه فأردف غيره معه ، أمكن إسقاط قدر المأذون فيه ، فلا أجرة عليه من حيث كونه مأذونا ، وانما الأجرة في مقابلة ما زاده ، ومثل ذلك ما لو أذن له في زرع حنطة فزرع حنطة وغيرها.
ونقل عن العلامة أنه فرق بين النهي عن التخطي ، وبين الإطلاق ، فأوجب الأجرة كملا مع النهي ، وأسقط التفاوت مع الإطلاق ، بمعنى أنه لو أمره بزرع الحنطة مثلا ونهى عن غيرها ، فإنه بالمخالفة يضمن الأجرة كملا ، ولو لم ينهه بل أمره بها من غير نهي عن غيرها ، فإنه مع المخالفة إلى غير الحنطة مما هو أضر يعتبر قدر منفعة الحنطة فيسقط من الأجرة ويؤخذ الأجرة على ما زاد.
وهو مبني على مذهبه الذي قدمنا نقله عنه من جواز المساوي والأقل ضررا