على الخلاف السابق ، في وجوب الاشهاد على الإيداع ، فإن أوجبناه ضمن ، والا فلا ، ومن هذا الكلام علم القول الثاني ، والثالث ، وحجة كل منهما.
وأما القول الأول فنقله في المسالك قولا في المسئلة ، ولم يسنده ، وعلله بأنه يضمن فيهما ، لأن إطلاق الإذن يقتضي دفعا ثابتا يمكن الرجوع اليه عند الحاجة ، فإذا ترك الاشهاد فقد قصر ، خصوصا الدين ، فان الغرض منه برأيه الذمة ، ولا يظهر إلا بالإشهاد ، لأن الغريم إذا أنكر فالقول قوله.
والمحقق في الشرائع اختار في كتاب الوديعة عدم وجوب الاشهاد على أداء الوديعة ، وفي كتاب الوكالة قال بالتفصيل على تردد ، وظاهره في المسالك اختيار القول بالتفصيل ، حيث أنه استحسنه من بين الأقوال المذكورة ، والمسئلة عندي محل توقف واشكال ، لعدم الدليل من النصوص ، وتدافع هذه التعليلات ، مع ما عرفت في غير موضع من أنها لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية والله العالم.
الثاني ـ أن ينكر المالك الاذن وحينئذ فالقول قوله بيمينه ، إذا لم يكن بينة ، لانه منكر ، ويكون الحكم فيه كدعوى الرد على الوارث ، لان المدفوع اليه لم يأتمنه ليقبل قوله عليه ، وليس بوكيل لتكون يده كيد الموكل.
وبالجملة فالظاهر أن المسئلة المذكورة من جزئيات مسئلة المدعى والمنكر يوجب البينة على المدعى ، واليمين على المنكر.
واحتمل بعض المحققين كون القول قول المستودع بيمينه ، نظرا الى ما تقدم من أنه أمين ، والظاهر ضعفه ، لان القدر المقطوع به من الاخبار وكلام الأصحاب اختصاص ذلك بغير ما ذكرناه من دعوى التلف بأي أنواعه ، أو الرد على المالك أو وكيله.
بقي الكلام في أنه متى حلف المالك فلا يخلو اما أن يكون من ادعى عليه القبض مقرا بذلك ، أو منكرا ، وعلى تقدير الأول اما أن يكون موجودة أو تلفت ، فهيهنا صور ثلاثة أحدها ـ أن يقر بالقبض والعين موجودة ، ولا