أقول : وقد تقدمه العلامة في ذلك ، والمحقق الشيخ على كما تقدم ذكره ، وقد بينا ما فيه في التنبيه الثالث (١) من التنبيهات الملحقة بالموضوع الرابع من المقام الأول من سابق هذا البحث.
الثانية ـ الظاهر من كلام الأصحاب من غير خلاف يعرف أنه متى صارت يد المستودع يد ضمان بالتعدي أو التفريط على الأنحاء المتقدمة ، فإنه لا يخرج عن ذلك ، ولا يعود الى حكم الوديعة برد الوديعة الى ما كانت عليه ، لانه صار بمنزلة الغاصب بتعديه ، فيستصحب الحكم بالضمان الى أن يحصل من المالك ما يوجب زواله ، والعود الى الحال الاولى.
قال في التذكرة : إذا صارت الوديعة مضمونة على المستودع اما بنقل الوديعة وإخراجها من الحرز أو باستعمالها كركوب الدابة ولبس الثوب أو بغيرها من أسباب الضمان ، ثم انه ترك الخيانة ورد الوديعة إلى مكانها وخلع الثوب لم يبرء بذلك عند علمائنا أجمع ، ولم يزل عنه الضمان ولم تعد أمانة ، وبه قال الشافعي ، لأنه ضمن الوديعة بعد وان ، فوجب أن يبطل الاستيمان كما لو جحد الوديعة ، ثم أقر بها ، وقال أبو حنيفة : يزول عنه الضمان ، لأنه إذا ردها فهو ما سك لها بأمر صاحبها ، فلم يكن ضمانها.
أقول : لم أقف لهم (رضوان الله تعالى عليهم) على دليل في المقام ، سوى ما يظهر من كلامهم من الأخذ بالاستصحاب ، مضافا الى دعوى الإجماع كما سمعت من كلام العلامة ، وقد عرفت ما في الاستصحاب في مقدمات الكتاب المذكور في صدر كتاب الطهارة (٢) وما في أمثال هذه الإجماعات من المناقشة التي تقدمت في غير باب والقول بما ذكروه على إطلاقه مشكل ، لما عرفت من عدم الدليل ، وان أمكن القول بذلك في بعض الموارد بنوع من التقريب الموجب لما ذكروه ، كلبس الثوب وركوب الدابة.
__________________
(١) ص ٤٣٥.
(٢) ج ١ ص ٥٢.