التبعة ، وقال في كتاب المصباح المنير بعد أن قال : أدركته إذا طلبته فلحقته ، والدرك بفتحتين وسكون الراء لغة من أدركت الشيء ، ومنه ضمان الدرك انتهى.
الرابع ـ قد عرفت أنه لو فسخ المشترى بعيب سابق فإنه لا يدخل ذلك في ضمان العهدة ، ولا يلزم الضامن الثمن لعدم اشتغال ذمة المضمون عنه وقت العقد بالثمن ، وانما حصل ذلك بعد الفسخ.
وانما يبقى الاشكال (١) (فيما لو طالب المشتري بالأرش ، فهل يرجع به على الضامن متى ضمنه لان استحقاقه ثابت وقت العقد ، وهو مناط الفرق بين الثمن والأرش ، فيدخل الأرش في ضمان العهدة ، دون الثمن على تقدير الفسخ بالعيب ، فان الثمن انما يجب بالفسخ اللاحق المتأخر عن الضمان.
وأما الأرش فإنه جزء من الثمن ثابت به وقت الضمان ، فيندرج في ضمان العهدة غاية الأمر انه مجهول القدر ، وقد تقدم صحة ضمان المجهول على التفصيل المتقدم ، والحكم هنا مبنى على ما ثبت هناك ، أم لا يرجع نظرا الى أن الاستحقاق للأرش انما جعل بعد العلم بالعيب ، واختيار أخذ الأرش ، والموجود حالة العقد من العيب ما كان يلزمه بغير الأرش ، بل اللازم التخيير بينه وبين الرد ، فلم يتعين الرد الا بالاختيار.
وملخص الاشكال المذكور يرجع الى أن الأرش هل هو ثابت بالعقد ، وانما يزول بالفسخ ، والرجوع الى الثمن أو أن سببه وان كان حاصلا ، فإنه لا يثبت الا باختياره ، ولعل الأول أقرب ، بناء على هذه التعليلات ، نظرا الى أن الأرش كان واجبا بالأصل ، لأنه عوض جزء فائت من مال المعاوضة ، ويكفي في ثبوته بقاء المشترى على الشراء وانما ينتقل الى الثمن بارتفاق آخر حيث لم يسلم له المبيع تاما ، والله العالم.
المسألة الثانية ـ قالوا : إذا خرج المبيع مستحقا رجع على الضامن ، أما
__________________
(١) وفيه إشارة إلى أنه لو كان الضمان انما هو بعهدة الثمن فإنه لا يشمل الأرش ، الا أن يكون ذلك معلوما ومقصودا منهما ، ويمكن أن يكون هذا وجه الرد والاشكال ، وأما إذا ضمن الأرش وخرج به ، فإنه لا إشكال في صحة الضمان لما ذكرناه في الأصل ، وظاهرهم أن محل الخلاف انما هو إذا ضمن الثمن خاصة ، وكلام الأكثر خال من التخصيص بالثمن. منه رحمهالله.