ومما تقدم من وجوه المنع ، انتهى وهو جيد.
أقول : لا يخفى أن من لا يلتفت الى دعوى مثل هذه الإجماعات ، لعدم ثبوت كونها دليلا شرعيا فإنه لا مانع عنده من الحكم بالجواز في غير النقدين نظرا الى عموم الأدلة الدالة على جوازه ، وتخصيصها يحتاج الى دليل شرعي ، وليس فليس.
قالوا تفريعا على ما تقدم : فلا يصح المضاربة بالفلوس ، ولا بالدراهم المغشوشة ، سواء كان الغش أقل أو أكثر ، ولا بالعروض (١) وأنت خبير بما فيه بعد ما عرفت ، حيث أنه لا مستند لهم هنا أيضا سوى دعوى الإجماع.
ولكن ينبغي تقييد المنع من الدراهم المغشوشة بما لو كان التعامل بها ساقطا ، والا فلو جرت في المعاملة فإنه لا مانع من المضاربة بها.
قال في المسالك : هذا إذا لم يكن متعاملا بالمغشوش ، فلو كان معلوم الصرف بين الناس جازت به المعاملة ، وصح جعله مالا للقراض ، سواء كان الغش أقل أو أكثر ، انتهى.
الثاني : قالوا : لو دفع آلة الصيد كالشبكة بحصة من الصيد كان الصيد للصائد وعليه أجرة الإله ، وذلك لان هذه المعاملة ليست بمضاربة إذ المضاربة كما هو المجمع عليه عندهم انما يكون بالدراهم والدنانير ، ولان مقتضى المضاربة التصرف في عين المال المدفوع ، وإتلافه بالبيع أو الشراء ، وهنا ليس كذلك ، لا بالنسبة إلى الأول ولا الثاني. وليس أيضا بشركة ، لأنها هنا مركبة من شركة
__________________
(١) العروض بضم العين جمع عرض بفتحها وسكون الراء وفتحها أيضا هو المتاع وكل شيء غير النقدين كما ذكره في القاموس ، وحكى الجوهري عن أبى عبيد أن العروض هي التي لا يدخلها كيل ولا وزن ، ولا تكون حيوانا ولا عقارا ، وظاهر ، إطلاقات الفقهاء في هذه الأبواب على المعنى الأول فإنهم يقابلون بها النقدين كما لا يخفى على المتتبع منه رحمهالله.