الإقرار لأحدهما بما يدعيه مشاركة الأخر إياه. (١)
قال في المسالك بعد ذكر الحكمين المذكورين : هذا تقرير ما ذكره المنصف وجماعة في القسمين ، وفيه بحث ، لان هذا لا يتم الا على القول بتنزيل البيع والصلح على الإشاعة ، كالإقرار ، وهم لا يقولون به بل يحملون إطلاقه على ملك البائع والمصالح ، حتى لو باع ابتداء مالك النصف نصف العين مطلقا انصرف الى نصيبه ، ووجهوه بأن اللفظ من حيث هو وان تساوت نسبته الى النصفين ، الا أنه من خارج قد ترجح انصرافه الى النصف المملوك للبائع ، نظرا الى ان إطلاق البيع انما يحمل على المتعارف في الاستعمال ، وهو البيع الذي يترتب عليه انتقال الملك بفعل المتعاقدين ، ولا يجرى ، ذلك إلا في المملوك بخلاف الإقرار ، فإنه اخبار عن ملك الغير بشيء ، فيستوي فيه ما هو ملكه وملك غيره ، وحينئذ فاللازم هنا أن ينصرف الصلح الى نصيب المقر خاصة ، فيصح في جميع الحصة بجميع العوض ، وتبقى المنازعة بين الأخر والمتشبث.
هذا ان وقع الصلح على النصف مطلقا أو على النصف الذي هو ملك المقر له. أما لو وقع على النصف الذي أقر به المتشبث توجه قول الجماعة لأن الإقرار ينزل على الإشاعة والصلح وقع على المقر به ، فيكون تابعا له فيها ، وعلى هذا ينبغي حمل كلامهم ، لئلا ينافي ما ذكروه من القاعدة التي ذكرناها.
وهذا توجيه حسن لم ينبهوا عليه ، وانما ذكر الشهيد (رحمة الله عليه) في بعض تحقيقاته احتمال انصراف الصلح إلى حصة المقر له من غير مشاركة الأخر مطلقا ، وتبعه عليه الشيخ على (رحمة الله عليه) انتهى.
أقول : وينبغي أولا إيضاح ما ذكره ، ثم بيان ما فيه فنقول : قوله ان هذا لا يتم الا على القول بتنزيل البيع والصلح على الإشاعة ، الى آخره بمعنى أنه لو باع
__________________
(١) قيل : ومثله ما لو ادعى كل منهما أنه اشترى النصف من غير تقييد بالمقيد نعم لو قالا اشتريناها معا أو اتهبناها وقبضنا معا ونحو ذلك ، فقد حرر في التذكرة أن الحكم فيه كالأول لاعتراف المقر بأن السبب المقتضى لتملكه قد افتقر بتملك الأخر ، ويحتمل العدم ، لان نقل الملك لاثنين بهذا الوجه بمنزلة الصفقتين. منه رحمهالله.