واستدلّ لهذه
الدعوى بأمور :
الأوّل
: ما يستفاد من
كلام النجاشي نفسه ، وانّ سيرته كانت على التحرّز وتجنّب الرواية عن غير الثقاة ،
أو عن من ورد فيهم طعن من جهة الرواية أو غيرها ، فيعلم منه أن لا يروي إلّا عن
الثقاة ، وقد جاء تصريح النجاشي بذلك في عدّة موارد :
أ ـ ما ذكره في
ترجمة أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عيّاش بن ابراهيم بن أيوب الجوهري ،
قال فيه : كان سمع الحديث فأكثر ، واضطرب في آخر عمره .. إلى أن قال : «رأيت هذا
الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي ، وسمعت منه شيئا كثيرا ، ورأيت شيوخنا يضعّفونه فلم
أرو عنه شيئا وتجنّبته ، وكان من أهل العلم ، والأدب ، وطيب الشعر القوي ، وحسن
الخطّ رحمهالله وسامحه» .
ونستفيد من هذا
المورد علاوة على ما نحن فيه ، انّ النجاشي جمع بين التضعيف والترحّم ، فالقول
بأنّ الترحّم على شخص علامة على التوثيق غير صحيح ـ وسيأتي الكلام في محلّه ـ.
وعلى أيّ حال ،
فإنّ النجاشي لمّا رأى شيوخه يضعّفون هذا الشخص تجنّب الرواية عنه ، وهذا دليل على
انّه لا يروي عن الضعيف.
ب ـ ما ذكره في
ترجمة محمد بن عبد الله أبي المفضل الشيباني ، قال : ... سافر في طلب الحديث عمره
، أصله كوفي ، وكان في أوّل أمره ثبتا ، ثمّ خلط ، ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه
ويضعّفونه ، له كتب كثيرة ... ـ إلى أن قال : رأيت هذا الشيخ ، وسمعت منه كثيرا ،
ثمّ توقّفت عن الرواية عنه إلّا بواسطة بيني وبينه .
__________________