ولكن يمكن المناقشة في هذه الوجوه الثلاثة.
أمّا بالنسبة إلى الوجه الأوّل ، وهو انّ الاجماع مفاده التوثيق فقط ، فيقال في جوابه : إنّه مجرّد احتمال ، وليس كلّ احتمال يؤخذ به ، فهذا الاحتمال كذلك ، فإنّه خلاف ظاهر العبارة. نعم ورد في العبارة الاولى : أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء ، وهي تدلّ بالمطابقة على وثاقتهم ، وإن كانت قاصرة عن الدلالة على توثيق من بعدهم ، ولكن في العبارتين الاخريين تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء ، أي أنّ ما صدر عنهم فهو صحيح ـ رواية كان أو فتوى ـ ، ولو لم يكن كذلك أمكن للكشّي أن يعبّر بما هو أدل وأوضح على توثيقهم كأن يقول : أجمعوا على تصديقهم أو وثاقتهم ، لا أن يعبّر بتصحيح ما يصحّ عنهم ، فهذا الاحتمال ضعيف جدا.
فمفاد العبارتين الاخريين : أنّ كلّ ما وصل إلينا بطريق صحيح يكون مصحّحا ولا يلاحظ من بعدهم ، وعليه فلا إجمال في المقام حتى تصل النوبة إلى الاخذ بالقدر المتيقّن ، إذ الاحتمال الآخر موهون بالقياس إلى ظاهر العبارة ، وإن كنّا نقول أنّ القدر المتيقّن الدلالة على التوثيق بحسب الواقع ، لا من باب الترديد بين الاحتمالين لوهن أحدهما وقوّة الثاني ، كما هي الدعوى.
وأمّا بالنسبة إلى الوجه الثاني وهو أنّ هذا ليس داخلا في حجيّة خبر الواحد ، ولا يكون كاشفا عن رأي المعصوم فليس بوجيه ، لأنّ الاجماع هنا غير الاجماع الذي يستند إليه في الفقه لاختلاف مناط الحجيّة في المقامين ، فإنّ المناط في حجّية الاجماع في الفقه كشفه عن قول المعصوم عليهالسلام ، وأمّا مناطه في المقام فهو حصول الشهادة على وثاقة أشخاص معيّنين ، وتصحيح رواياتهم ، فلو كان مع ذلك كاشفا عن قول المعصوم عليهالسلام لكان آكد في حجيّته ، إلّا أنّ الاجماع الكاشف غير مراد هنا ، بل المراد تحقّق الشهادة من جماعة ، وهذا