عليه وأن يليها في اللفظ فيلزم في هذا أن يقال : " إنّ أنّ زيدا منطلق بلغني". وهذا لا يجوز لأنه لا يجوز اجتماعهما في اللفظ.
والمبتدأ الذي قبله ما يتعلق به لا يجوز دخول" إن" المكسورة عليه هو : " لو لا" و" لو ما". تقول : لو لا زيد لأكرمتك." زيد" مرفوع بالابتداء لما ذكرنا من مذهب البصريين. ولا تقول : " لو لا إنّ زيدا بكسر" إن" وتقول : لو لا أن زيدا عندي لأتيتك بفتح أن ؛ لأن المبتدأ الذي يؤكد" بإن" هو الذي لا يتعلق بشئ قبله في اللفظ.
وقد يكون قبل" إن" المكسورة كلام لا يغير كسرها ؛ لأن تأويلها يرجع إلى أنها مبتدأة في اللفظ.
١ ـ من ذلك (الذي وأخواتها) إذا وصلت كانت" أن" بعدها مكسورة. كقولك : " مررت بالذي إنّ غلامه خير منك" وقال الله عزوجل : في (ما) بمعنى" الذي"(وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ ...)(١) ؛ لأن الذي وأخواتها إنما تدخل على جمل قد وجب لها لفظ ما. فتدخل على ذلك اللفظ و" الذي" إنما هو اسم من تلك الجملة ويضمر في موضعه من الجملة. ويقدم" الذي" هو مبتدأ أو غير مبتدأ. ويؤتى بالجملة على هيئتها كقولك : " إنّ زيدا منطلق إلى عمرو" فتقدم" عمرا" على" أن" وتصفه" بالذي" وتدخل عليه العامل وتضمره في موضعه من الكلام الذي أخذته من جملته وقدمته فتقول : " مررت بعمرو الذي أنّ زيدا منطلق إليه".
٢ ـ ومن ذلك : أن تدخله على جملة في موضع خبر" أن" أو صفة كقولك : " زيد إنّ أباه خير من أبيك" لأن تقديره : أن أبا زيد خير من أبيك وقدمت" زيدا" مبتدأ وجئت بالجملة بأسرها وعلى لفظها وجعلتها خبرا لزيد. وأضمرته في موضعه من الجملة من ذلك.
٣ ـ وإذا كانت" إن" بعد القول كقولك : قال عمرو أن زيدا قائم" لأن عمرا لفظ مبتدئا فقال : " إن زيدا قائم" فحكيت لفظه ونسبته إليه.
٤ ـ ومنه : إذا كانت" اللام" في الخبر كقولك : علمت إنّ زيدا لقائم" لأن اللام متصلة بعمل" علمت" فصار كأنه قال : لأن زيدا كما تقول : لزيد منطلق.
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٧٦.