هذا في الأسماء لجاز أن تقول : اضرب الفاسق الخبيث ، أي : اضرب الذي يقال له هو الفاسق الخبيث.
وأما قول يونس : فلا يشبه أشهد إنّك لمتطلق وسترى ذلك في باب (إنّ وأنّ) إن شاء الله.
ومن قولهما : اضرب أي أفضل. وأمّا غيرهما فيقول : اضرب أيّا أفضل. يقيس على الذي وما أشبهه من كلام العرب ، ويسلّم ذلك في المضاف إلى قول العرب ، يعني : أيّهم ، ولو قالت العرب : اضرب أي أفضل لقلته ، ولم يكن بدّ من متابعتهم. ولا ينبغي على أمس أمسك ، ولا على أتقول أيقول ، ولا سائر أمثلة القول ، ولا على الآن آنك. وأشباه هذا كثيرة.
ولو جعلوا أيّا في الانفراد بمنزلته مضافا لكانوا خلفاء إذ كان بمنزلة الذي معرفة ألا ينوّن ، وسترى بيان ذلك فيما لا ينصرف وينصرف إن شاء الله.
وسألته عن أيي وأيّك كان شرّا فأخزاه الله ، فقال : هذا كقولك : أخزى الله الكاذب منّي ومنك ، إنما يريد : منّا. وكقولك : هو بيني وبينك ، يريد : هو بيننا ، فإنّما أراد : أيّنا كان شرّا ، إلا أنّهما لم يشتركا في أي ، ولكنّهما أخلصاه لكلّ واحد منهما. وقال العباس بن مرداس :
فأيّي ما وأيّك كان شرّا |
|
فقيد إلى المقامة لا يراها (١) |
وقال خداش بن زهير :
ولقد علمت إذا الرّجال تناهزوا |
|
أيّى وأيّكم أعزّ وأمنع) (٢) |
قال أبو سعيد : اعلم أن أيّا لتبعيض ما أضيفت إليه ، وهي تأتي للاستفهام والمجازاة ، وتكون بمعنى الّذي ، فإذا كانت للاستفهام والمجازاة لم تحتج إلى صلة ، وإذا كانت بمعنى الّذي احتاجت إلى صلة كصلة الذي وصلة ما ومن إذا كانتا في الخبر ، وهي موضوعة على الإضافة ؛ لأنّ المراد بها في أحوالها الثلاث بعض ما أضيفت إليه ، وقد تفرد ومعناها الإضافة ؛ لأنّ قوله : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٣) معناه : أيّ الاسمين دعوت
__________________
(١) البيت في ديوانه ١٤٨ ، الخزانة ٤ / ٣٦٧ ؛ ابن يعيش ٢ / ١٣١ ؛ الكتاب ١ / ٣٩٩ ، ٢ / ٤٠٢ ؛ ولسان العرب (أبا) ؛ وتاج العروس (قوم).
(٢) البيت في ديوانه ، ابن يعيش ٢ / ١٣٣ ؛ الكتاب ٢ / ٤٠٣ ؛ لسان العرب وتاج العروس (تهز).
(٣) سورة الإسراء ، من الآية : ١١٠.