مستحسن عند البصريين في الكلام ، وأقبحهما. عندهم حذف الضمير من (إنّ) ، وأقبحهما عند الكوفيين حذف الهاء من رأيت.
فإذا جعلت المخاطب مفعولا قلت على قول من حذف الهاء : من إنّ ، ونصب الاسم بالفعل الذي بعده : إنّ إيّاك رأيت ، كما تقول : (إياك رأيت) ، والذي ينصب الاسم ب (إنّ) يقول : (إنك رأيت) ، وسبيل (إنّ) سبيل الفعل ، وإذا عملت في الضمير اتصل بها.
وأما قولك : (عجبت من ضربي إيّاك) ، و (من ضربيك) ، و (من ضربيه) ، و (من ضربيكم) ، فالاسم الأول المضاف إليه المصدر ، وهو مجرور بالإضافة ، فاعلا كان في المعنى أو مفعولا. فإن كان مفعولا فالاسم الثاني مرفوع ، ولا يكون ضميره إلا منفصلا ، وذلك أن ضمير المرفوع المتصل لا يوجد إلا في الفعل ، وإذا كان مع غيره فلا يلي الفعل سواه ، كقولك : (ضربتك) ، و (ضربتني) ، وإنما لزم تقدّمه في الفعل على كل شيء ؛ لأنه قد يغير بنية الفعل حتى يختلط به كأنه من بنائه ؛ كقولك : (قمت) ، و (قمنا) ، و (ذهبت) ، و (ذهبتما) ، و (ذهبن) ، فيسكّن آخر الفعل له وكان مفتوحا ، ويختلط به حتى يصير مقدّرا في الفعل بغير علامة ، كقولك : (زيد قام) ، و (أنت تقوم) ، و (أنا أقوم) ، و (نحن نقوم).
ولا يجوز أن يوجد ضمير مرفوع متصل في غير فعل ؛ ومن أجل هذا استحكمت علامات الإضمار في الفعل ، وشبّه غير الفعل بالفعل في بعض المواضع مما ستقف عليه إن شاء الله تعالى.
فإذا كان الاسم المضاف إليه المصدر مفعولا ، وأتي الفاعل بعده مضمرا ، فهو منفصل لا غير ، وذك قولك : (عجبت من ضرب زيد أنت) ، و (من ضربك هو) ، ومن ضربهما أنت ، ومن ضربك هن ، ومن ضربك أنا ، ومن ضربي أنت ، وسواء في ذلك أبدأت بالأقرب أم بالأبعد.
وإن كان المضاف إليه المصدر فاعلا وكان مضمرا ، وبعده المفعول مضمر ، فهو الذي يتكلم عليه النحويون ، وتقع عليه المسائل. وهو قولك : (عجبت من ضربي إياك) ، و (من ضربيك) ، والأجود المختار : (ضربي إياك) ، وذلك أن (ضرب) اسم ، ولا تستحكم فيه علامة الإضمار إذا كانت علامة ضمير المرفوع لا تتصل به ، ولا بما اتصل به ، وإنما يتصل به ضمير المجرور الذي تشاركه فيه الأسماء التي ليس فيها معنى فعل نحو : (غلامي) ، و (غلامك) ، و (غلامه) ، ولا يتصل بالضمير المضاف إليه (الغلام) ضمير آخر متصل.
وأيضا فإن الضمير المضاف إليه الضرب مجرور يحلّ محلّ التنوين في (ضرب) ،