البيعة لعلي عليهالسلام من أهلها. وذهب خالد بن العاص المخزومي إلى مكة فأبى أهلها مبايعة علي وأخذوا عهده ورموه في زمزم. وتوجه سهل بن حنيف إلى الشام ، فلقيته في حدودها خيول معاوية ، فسألوه عن شأنه ، فأخبرهم بأنه أمير الشام ، فقالوا إن كنت أميراً من قبل عثمان قبل قتله فدونك إمرتك ، وإن كنت أميراً من قبل غيره فارجع إلى من أرسلك.
والبحث العلمي يشكك في تعيين ابن حنيف على الشام أميراً ، وفيها معاوية ، وليس كل ما روي يقطع بصحته كما سترى.
وكان الإمام قد أرسل إلى معاوية كتاباً يطلب فيه أن يبايع ، وأن يقبل إلى المدينة في أشراف أهل الشام ، ولم يذكر في الكتاب عزله أو إقراره في ولايته. فلما وصل الكتاب إلى معاوية لم يجب الإمام بشيء ، وأخذ يتربص بالأمر ، وأعجله الرسول على الجواب فتلكأ ثم أرسل طوماراً إلى الإمام ، وكتب في أعلاه : من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب ، وقدم الرسول المدينة وأشهر نفسه فيها ، وأوصل الطومار إلى الإمام ، وفضّ الإمام الكتاب ولا شيء فيه إلا : « بسم الله الرحمن الرحيم ».
وأستأمن الرسول علياً فآمنه ، وكان من عبس ، فقال للإمام والناس تسمع : إني تركت أهل الشام وقد صمموا أن يثأروا لعثمان ، ونصبوا قميصه للناس ، وليس عندهم إلا السيف.
وكان المغيرة بن شعبة ـ فيما يزعم الرواة ـ قد أشار على عليّ عليهالسلام إبقاء معاوية على الشام حتى تتم بيعته ومن ثم يعزله ، فأبى ذلك الإمام ، كما أبى إبقاء ولاة عثمان عموماً ، لأن دينه وورعه يمنعانه من ذلك ، وقال :