(١٠)
عليٌّ في حجة الوداع وبيعة الغدير
لقد رأينا علياً فيما مضى ، صبياً يدخل الإسلام ثاني اثنين ، وقد رأيناه يتربى في منزل الوحي وينشأ في ظلال الإيمان ، ورأيناه يشهد عذاب طائفة من المستضعفين فيتلظى لهم حرقاً ، ورأيناه مصاحباً للنبي في جولته للطائف يعرض الإسلام على القبائل فيردّ ، ورأيناه فدائياً يسرع إلى فراش رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ملتحفاً ببرده الحضرمي ، يقيه بنفسه من طواغيت قريش ، ورأيناه أخاً لرسول الله في مكة والمدينة ، ورأيناه قائداً عسكرياً فذاً في مشاهد النبي كلها ، ورأيناه خليفة لرسول الله على المدينة في غزوة تبوك، ورأيناه نائباً عنه في تبليغ براءة لأهل مكة وإعلان شرائع الإسلام ، ورأيناه مصلحاً وقاضياً من قبله في اليمن ، ورأيناه صهراً للنبي وأباً لذريته الطاهرة ، ورأيناه نفسه في المباهلة ، ووزيره بمنزلة هارون من موسى ، رأينا هذا وسواه ، بل ذكرنا هذا وفاتنا سواه ، وهو يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، و « عليٌّ أقضاكم » و « أنا مدينة العلم وعلي بابها » و « علي مع الحق والحق مع علي » و « اللهم أدر الحق معه حيثما دار » سمعنا كل هذا غيضاً من فيض إطراء النبي له وثنائه عليه ، ونموذجاً من نماذج إعداده إعداداً رسالياً خاصاً ، وشاهدنا إلى جنب ذلك كلّه ملازمته للنبي ملازمة الظل للشاخص ، واختصاصه به على انفراد في أغلب لياليه وأيامه ، وتفرده بمناجاته وحده في شتى الظروف ، واتحاد المنزل ما بين الديار ، ولمسنا صلة الرحم الشديدة بين