(٧)
عليٌّ يتخذ الكوفة عاصمة ... ويقدّم طلائعه إلى صفّين
دخل أمير المؤمنين الكوفة في اليوم الثاني عشر من رجب سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وكان قد انتهى من حرب الناكثين ، فما عليه الآن ، وقد أمن شرق الدولة الإسلامية في البصرة ، إلا أن يأمن غرب الدولة الإسلامية في الشام ، وجعل يعدّ العدّة لحرب القاسطين ، وأشرف على إعداد الجيش بنفسه ، وانتدب لذلك خُلّصَ أصحابه ، فكانت الدعوة قائمة على أشدّها أهبة وتسليحاً ومتابعةً.
وكان الكوفيون ثلاثة فرقاء ، فالفريق الأول هو الذي ناصره في حرب الجمل ، والفريق الثاني هو الذي تخلف عنه فيها ممن كان يأمل نصرهم وينتظر مؤازرتهم ، ولكنهم كانوا دون مستوى المسؤولية. والفريق الثالث هو الذي رابط في الكوفة دون نصره في البصرة ، ودون خذلانه في الكوفة.
وكان الفريق الأول يحدب على استمرارية الإنتصار ، ويعمل على استدامة الظفر. وكان الفريق الثاني يخشى اللوم والتعنيف ـ كما حدث ـ وفيه بعض الرؤساء ومشايخ القبائل ، فاستحب أن يكفّر عما مضى إسترضاءً للإمام فهو يدعو للحرب. وكان الفريق الثالث من السواد الأعظم منتظراً لأوامر الإمام ، وطوع إرادته ، وقد حلّ في ظهرانيهم ، بغية أن يتدارك ما فاته ، ولئلا يحسب على الخوالف.