والتزموا رفع المعرّف بالّلام المذكور لأنّه هو المقصود بالنّداء فجعلوا حركة إعرابه الحركة التي يستحقّها ، لو باشره حرف النداء ، وقيل : التزموا رفعة للفرق بين الصّفة الّلازمة وغير اللازمة ، وعند الأخفش أيّ موصولة بمعنى الذي ، والرجل خبر مبتدأ محذوف (١) ، ويجوز تأنيث أيّ فيقال : يا أيّتها المرأة ، وأجاز المازنيّ (٢) نصب الرجل ، في : يا أيّها الرجل قياسا على صفة غير المبهم ؛ فإنّه أجرى صفة المبهم مجرى الظريف في قولك : يا زيد الظريف ، فكما جاز نصب الظريف حملا على المحلّ جاز نصب صفة المبهم ، نحو : الرجل في يا أيّها الرجل (٣) وقرىء (٤) في الشّاذ : قل يا أيها الكافرين (٥) وإذا أتيت بتوابع لهذا المعرّف بالّلام فلا تكون إلّا مرفوعة لأنه معرب ، والمعرب لا يكون تابعة إلّا على وفق إعرابه. فإذا قلت : يا هذا الرجل ذو المال ، لم يجز في ذو المال إلّا الرفع لأنّه صفة لمرفوع معرب ، مثل : جاءني زيد ذو المال (٦) ، ومنه : (٧)
يا أيّها الجاهل ذو التّنزّي
فرفع الصّفة المضافة ، أعني ذو التنزّي ، وأدخلوا حرف النّداء على الّلام
__________________
(١) شرح الأشموني ، ٣ / ١٥١ وهمع الهوامع ، ١ / ١٧٥ وحاشية الصبان ، ٣ / ١٥١.
(٢) والزجاج كما في شرح الكافية ، ١ / ١٤٢ والمازني هو أبو عثمان بكر بن محمّد بن بقيّة من أهل البصرة أخذ عن أبي عبيدة والأصمعيّ وأخذ عنه المبرّد ، له تصانيف كثيرة أشهرها كتاب التصريف الذي شرحه ابن جني ، وكتاب ما تلحن فيه العامة ، وكتاب العروض ، توفي سنة ٢٤٧ ه انظر ترجمته في الفهرست ، ٨٤ ـ ونزهة الألباء ، ١٨٢ وإنباه الرواة ، ١ / ٢٤٦.
(٣) شرح الكافية ، ١ / ١٤٢ وشرح الأشموني ومعه حاشية الصبان ، ٣ / ١٥٠.
(٤) قال الجاحظ في البيان والتبيين ٣ / ٢٣٣ : ومن اللّحانين الأشراف ابن ضحيان الأزدي ، وكان يقرأ «قل يا أيّها الكافرين» فقيل له في ذلك فقال : قد عرفت القراءة في ذلك ولكنّي لا أجلّ أمر الكفرة. وقال ابن هشام في شرح شذور الذهب ، ٤٥٠ بعد أن أورد القراءة وهذا إن ثبت فهو من الشذوذ بمكان.
(٥) الآية ١ من سورة الكافرون.
(٦) شرح الوافية ، ١٩٥ وانظر الكتاب ، ٢ / ١٩٣ والمقتضب ، ٤ / ٢١٩.
(٧) الرجز لرؤبة بن العجاج وبعده :
لا توعدنّي حيّة بالنّكر
ورد في ديوانه ، ٣ / ٦٣ وورد منسوبا له في شرح المفصل ، ٦ / ١٣٨ وشرح الشواهد ، ٣ / ١٥٢. ومن غير نسبة في الكتاب ، ٢ / ١٩٢ والمقتضب ، ٤ / ٢١٨ وشرح الأشموني ، ٣ / ١٥٢. التنزي : نزع الإنسان إلى الشرّ وأصله نزأت بين القوم : إذا حرّشت بينهم ، والنّكز : اللّسع.