الحكم في من يسبّها :
قال السهيلي : إنّ من سبّها فقد كفر (١).
ويشهد له : أنّ أبا لبابة حين ربط نفسه ، وحلف أن لا يحلّه إلّا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وجاءت فاطمة لتحلّه ، فأبى من أجل قسمه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّما فاطمة بضعة منّي (٢).
وفيه نظر (٣).
وقال بعضهم : إنّ كلّ من وقع منهم في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به ، فالنبيّ صلىاللهعليهوآله يتأذّى به (٤). ولا شيء أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها ، وهذا عرف
__________________
رقم ٢٩٥٤ ، البيان والتعريف ١ : ١١٦ رقم ٢١٧ وقال : «أخرجه الشيخان والنسائي وأبو داود والإمام أحمد وغيرهم عن المسوّر».
قال ابن حجر : «فيه تحريم أذى من يتأذّى المصطفى صلىاللهعليهوآله بتأذّيه ، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به ، فالنبيّ صلىاللهعليهوآله يتأذّى به بشهادة هذا الخبر». (فيض القدير ٤ : ٤٢١ حديث رقم ٥٨٣٣).
(١) نقله عن السهيلي في فتح الباري ٧ : ٤٧٧ في شرح حديث رقم ٣٧٦٧ ، وإرشاد الساري في شرح البخاري ٨ : ٢٨٠ رقم ٣٧٦٧ ، وتقدّم عن فيض القدير ٤ : ٤٢١ رقم ٥٨٣٣.
وقال ابن حجر : «توجيهه : أنّها تغضب ممّن سبّها ، وقد سوّى النبيّ صلىاللهعليهوآله بين غضبها وغضبه ، ومن أغضبه صلىاللهعليهوآله يكفر». (فتح الباري ٧ : ٤٧٧).
وقد استدلّ البيهقي أيضا بهذا الحديث على أنّ من سبّها فإنّه يكفر. نقله العيني في عمدة القاري شرحه على البخاري ١٦ : ٢٤٩.
(٢) المحلّى لابن حزم : ٨ : ٥٧ مسألة رقم ١١٥٥ ، سبل الهدى ١٠ : ٣٢٨ و ٥ : ٩ نقله عن السهيلي وقال : «فيه : علي بن زيد وهو ابن جدعان ، ضعيف ، وعلي بن الحسين وروايته مرسلة». لكن المتأمّل في كلامه يجده يفتقد إلى الدقّة ، فأمّا علي بن زيد (ابن جدعان) فهو من رجال مسلم ، وروى له البخاري في الأدب المفرد ، وقال الترمذي :
صدوق ، وقال العجلي : كان يتشيّع لا بأس به ، وقال ابن عدي : لم أر أحدا امتنع من الرواية عنه. (تهذيب الكمال ٢٠ : ٤٣٤). وأما علي بن الحسين فهو الإمام السجاد عليهالسلام ، أحد علماء أهل بيت النبوّة الطاهرين ، وهو يروي عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٣) أي في الاستشهاد بخبر أبي لبابة على كلام السهيلي.
(٤) ويدلّ عليه كثير من الأخبار ، تقدّم بعضها ، وسيأتي البعض الآخر بلفظ مثل «من أغضبها أغضبني» ،