وظاهر حديث حجر الأول أنّ المصطفى لمّا خطبها الشيخان ابتدأ (١) عليا فزوّجه إيّاها بغير طلب.
وظاهر الباقي أنّه لمّا خطباها علم علي فجاء فخطبها ، فأجابه ، ويدلّ عليه كثير من الأخبار المارّة.
والظاهر أنّ الواقعة تعدّدت ، فخطباها فلم يجب ولم يردّ ، فجاء علي فوعده وسكت ، فلم يعلما بوعده فأعاد ، فابتدر وزوّجها من علي لسبق إجابته له.
وفي حديث عكرمة : أنّه استأذنها قبل تزويجها منه (٢).
فقد روى ابن سعد عن عطاء قال :
خطب علي فاطمة ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ عليا يريد يتزوّجك ، فسكتت ، فزوّجها (٣).
ففيه : أنّه يستحبّ استئذان البكر ، وأنّ إذنها سكوتها ، وعليه الشافعي (٤).
وروى ابن أبي حاتم عن أنس وأحمد عنه بنحوه ، قال :
جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى المصطفى صلىاللهعليهوآله ، فسكت ولم
__________________
على أن تحسن صحبتها» ، وفي مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٩ رقم ١٥٢٠٦ وقال : «رواه البزّار» ، وفي الطبقات الكبرى ٨ : ١٦ وقال : «يعني لست بكذّاب ؛ لأنّه قد وعد علي بها قبل أن يخطبها».
(١) في نسخة (ز) : ابتدر.
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ : ١٦.
(٣) نفس المصدر السابق ، وفيه : «أنّ عليا يذكرك».
(٤) ذكر مذهب الشافعي في استحباب الاستئذان في البكر ، وأنّ إذنها هو سكوتها في :
المجموع للنووي ١٦ : ١٦٩ باب : ما يصحّ به النكاح للولي ، وفي المدوّنة الكبرى ٢ : ١٥٧ ، والسنن الكبرى للنسائي ٣ : ٢٨١ رقم ٥٣٧٥ و ٥٣٧٧ وفيه : «وكيف إذنها؟ قال : أن تسكت ، وإذنها صماتها» ، وكنز العمّال ١٣ : ٥٣٢ رقم ٤٥٧٧٧.
وهو ما ذهبت إليه الإمامية ؛ لما روي في صحيح البزنطي عن عليّ عليهالسلام قال : «في المرأة البكر إذنها صماتها ، والثيّب أمرها إليها» راجع وسائل الشيعة ١٤ : ٢٠٦ الباب ٥ حديث ١. وفي العروة الوثقى ٢ : ٦٤٧ مسألة ١٥ :
«ورد في الأخبار أنّ إذن البكر سكوتها عند العرض عليها ، وأفتى به العلماء».