لكنّ الحديثان المذكوران رواهما الحاكم وابن عساكر عن أم سليم زوج أبي طلحة ، وهما موضوعان ، كما جزم به ابن الجوزي (١) ، وأقرّه على ذلك جمع منهم :
__________________
ترجمة غانم بن حميد ، وينابيع المودّة ٢ : ١٢١ رقم ٣٥٤ عن جابر ، و ٢ : ٤٥٠ رقم ٢٤٣ وقال : «أخرجه الغساني».
لم يذكر المصنّف الحديثين في المتن ، وما نقله فهو مجموع معنى الحديثين. والحديثان هما :
الأول : عن جابر وابن عباس قالا : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ابنتي فاطمة حوراء آدمية ، لم تحض ولم تطمث ، وإنّما سمّاها فاطمة لأنّ الله عزوجل فطمها وولدها ومحبّيها عن النار».
أخرجه في كنز العمّال ١٢ : ١٠٩ رقم ٣٤٢٢٦ ، وينابيع المودّة ٢ : ١٢٤ و ٤٥٠.
الثاني : عن أسماء قالت : قبّلت ـ أي ولّدت ـ فاطمة بالحسن ، فلم أر لها دما ، فقلت : يا رسول الله ، إنّي لم أر لفاطمة دما في حيض ولا نفاس! فقال صلىاللهعليهوآله : «أما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة ، لا يرى عليها دم في طمث ولا ولادة».
أخرجه في ذخائر العقبى : ٩٠ ، ونور الأبصار : ٢٣٩.
(١) الموضوعات ١ : ٣١٠ ، وممّا يجدر ذكره هنا أنّه لم يذكر الحديثين المتقدّمين ، إنّما ذكر حديث ابي قتادة الحرّاني ، والحديث الّذي علّق عليه ابن الجوزي هو عن عائشة قالت : كنت أرى رسول الله صلىاللهعليهوآله يقبّل فاطمة ، فقلت : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إنّي كنت أراك تفعل شيئا ما كنت أراك تفعله من قبل؟ قال لي : «يا حميراء ، إنّه لمّا كان ليلة أسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فوقفت على شجرة من شجر الجنّة ، لم أر في الجنّة شجرة هي أحسن منها حسنا ، ولا أبيض منها ورقة ، ولا أطيب منها ثمرة ، فتناولت من ثمرتها فأكلتها ، فصارت نطفة في صلبي ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت ريح فاطمة. يا حميراء ، إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميّين ، ولا تعتلّ كما يعتلّون».
أخرجه في مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٦ رقم ١٥١٩٧ وقال : «رواه الطبراني ، وفيه : أبو قتادة الحرّاني ، وثّقه أحمد وقال : كان يتحرّى الصدق ، وأنكر على من نسبه للكذب» ، ورواه في المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠١ رقم ١٠٠٠.
وأبو قتادة الحرّاني هو عبد الله بن واقد ، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ٦ : ٦٢ رقم ٣٨١١ : «قال الميموني عن أحمد : ثقة كان من أهل الخير ، لم يكن به بأس ، كان يتحرّى الصدق ، وأثنى عليه. وقال الدوري عن يحيى :
ثقة». ثمّ إنّ تعليل الجوزي ، ودليله على كون الحديث موضوع ، غير مقبول ، فقد علّل ذلك بأنّ فاطمة ولدت قبل النبوّة ، وقد تقدّم أنّ العشرات من الأعلام مثل : ابن عبد البرّ وابن حجر العسقلاني ومصعب الزبيري وعلي المديني واليعقوبي والمزي وابن جريج والحاكم النيسابوري والمحبّ الطبري وغيرهم ، ذهبوا إلى أنّ ولادة الزهراء كانت بعد المبعث. مضافا إلى أنّ الرواية ليس فيها من يتكلّم فيه إلّا الحرّاني ، وقد وثّقه أحمد ويحيى كما تقدّم.