وكذلك العقد الذي بعده واحدا كان أو مثنى كقولك : ألف درهم ، وألفا درهم (١) ، أعني أنه (٢) إذا بلغ العقد ثلاثة لزمته الإضافة ؛ لأنه اسم مفرد وجب أن يضاف كسائر الأسماء التي تضاف إلى غيره وجاز دخول الألف واللام على الذي تبين به النوع ؛ لأن الأول لما أضيف والمضاف يتعرف بالإضافة ويكتسب تعريفا من المضاف إليه وكان حق الألف واللام أن تدخل على الأول ؛ لأن الثاني واحد في المعنى جمع في اللفظ كما كان الواحد بعد العشرين ، وذلك أن الأصل في قولك : مئة درهم ، مئة من الدراهم ، فحذف لفظ الجمع و (من) فكان القياس أن تمتنع الإضافة كما امتنعت العشرين بتقدير الواحد في معنى الجمع إلا أن المئة شبهت بالعشرة لأنها عقد مثلها ، وشبهت أيضا بالتسعين لأنها تليها ، وحكم عشر الشيء كتسعه فلما حصل للمئة الشبه بالعشرة والتسعين ألزمت الإضافة تشبيها بالعشرة وجعل النوع واحدا تشبيها بالتسعين فصارت الإضافة في المئة لازمة ، فلما أرادوا تعريف المئة لم يجز إدخال الألف واللام عليها لأن الألف واللام لا يجتمعان مع الإضافة اللازمة فنقلوا الألف واللام من المئة وألحقوها بما بعدها وهم ينوون بها تعريف المئة ، وساغ لهم ذلك لما بيّناه من أن المضاف يصير معرفا بالمضاف إليه وينتقل إليه تعريفه ، فلهذا دخلت الألف واللام / في ما بعد المئة ، وإنما لزمت المئتان الإضافة للزوم المئة الإضافة لما ذكرناه من الشبه.
واعلم أن المئة اسم ناقص قد حذف منه لام الفعل وأصلها : مئية فحذفت الياء منه تخفيفا فصارت هاء التأنيث عوضا منها ، والدليل على ما ذكرناه قولهم : أمأيت الدراهم ، والجمع بالواو والنون فتقول : عندي مئون ، ويجمع بالألف والتاء فظاهر لأن فيها علامة التأنيث ، وأما جمعها بالواو والنون (٣) فعلى أن هذا الجمع عوض
__________________
(١) النص مع اختلاف يسير في كتاب سيبويه ١ / ١٠٦ (بولاق).
(٢) في الأصل : أنك.
(٣) انظر : تاج العروس (مأى).