قيل له : لأن ذا اسم مبهم ينعت بأسماء الأجناس ، وقد بينا أن لفظ الجنس يستحق أن يقع بعد نعم وبئس ؛ فوجب أن يجري مجراها فركبوها مع اسم يقتضي النعت بالجنس.
فإن قال قائل : فلم غلّبتم على حبذا الاسمية وقلتم إنهما صارا بمنزلة اسم واحد؟
قيل : وجدنا في الأسماء اسمين جعلا بمنزلة اسم واحد فوجب أن يحمل حبذا على حكم الاسمية لوجود النظير في الأسماء ولم يجز حملها على الفعل لعدم التنظير.
والوجه الثاني : أن الاسم أقوى من الفعل فلو جعلا شيئا واحدا وجب أن يغلب عليهما حكم الاسمية لقوة الاسم وضعف الفعل فإذا وجب هذا جاز أن تقول : حبذا زيد ، فتجعلوا حبذا اسما مبتدأ ، وزيد خبر فاعرفه ... (١)
باب الضمير (٢)
إن قال قائل : ما وجه تكرير العرب الأسد الأسد والطريق الطريق إذا أرادوا (٣) التحذير؟
قيل له : وجه ذلك أنهم جعلوا أحد الاسمين عوضا عن الفعل المحذوف ، والدليل على ذلك أنهم إذا أسقطوا أحد الاسمين جوزوا إظهار الفعل كقولك :
__________________
(١) جاء في شرح الأشموني ٢ / ٣٨١ في الحديث عن حبذا :
" ولهم فيه مذهبان : قيل غلبت الفعلية لتقدم الفعل فصار الجميع فعلا وما بعده فاعل ، وقيل : غلبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسما مبتدأ وما بعده خبر ، وهو مذهب المبرّد وابن السرّاج ، ووافقهما ابن عصفور ، ونسبه إلى سيبويه ، وأجاز بعضهم كون (حبذا) خبرا مقدما".
(٢) يعني بذلك باب الإضمار.
(٣) في الأصل : أرودوا.