واعلم أن الذي يبين النوع من أحد عشر إلى تسعة عشر واحد مذكور يلزمه النصب كقولك : عندي أحد عشر رجلا ، وتسع عشرة امرأة ، وإنما لزم النصب لأن الأصل واحد وعشرة فحذف التنوين لما عوض في اللفظ من البناء كما حذف في الإضافة فصار حكمه مراعى في اللفظ ، وجرى مجرى اسم الفاعل إذا لم ينصرف كقولك : هؤلاء حواج بيت الله عندي ، لأن التنوين لم يحذف من حواج للإضافة وإنما حذف لمنع الصرف فصار حكمه مراعى ، فلهذا وجب النصب بعد حواج لأن التنوين كأنه موجود ألا ترى أن الشاعر إذا اضطر جاز أن ينون ولو كان التنوين قد حذف للإضافة لم يجز رده مع بقاء الإضافة فعلمت أن التنوين إذا لم يكن للإضافة فكأنه موجود في الحكم فلهذا وجب أن ينصب ما بعد أحد عشر إلى تسعة عشر لأن التنوين كأنه موجود فيها فاعرفه.
وإنما وجب أن يكون التمييز بواحد من هذا النوع من الأعداد لأنك إذا كررت العدد فقد أثبت مقدار المعدود ، فوجب عليك تبيين النوع فبينه بواحد منكور ؛ لأنه أخف من المعرفة ، ولفظ الجمع والواحد المنكور يدل على النوع ، فلهذا وجب استعماله ، وكان الأصل أن تقول : عندي خمسة عشر من الدراهم ، فحذف هذا التطويل وأقيم الواحد المنكور مقامه ، وإنما وجب أن يكون الأصل ما ذكرنا لأن الخمسة عشر بعض الدراهم فيجب أن يكون المذكور بعدها بعض الجمع حتى يصح معنى التبعيض ، ولو قدرت أن الأصل الواحد استحال المعنى ودخله لبس ، ألا ترى أنك إذا قدرت الكلام كقولك : عندي خمسة عشر من درهم ، جاز أن يتوهم أن الخمسة عشر بعض الدرهم ، فلذلك قلت إن الأصل خمسة عشر من الدراهم ، ثم حذف لما ذكرناه من طلب الخفة فاعلمه.
فإن قال قائل : فهلّا تجوز الإضافة إلى النوع في قولك : أحد عشر إلى تسعة عشر؟
قيل له : لا يجوز ذلك لأنه لو جازت إضافته لكانت تسعة عشر الإضافة فيه