أن يقال : مئة الدراهم ، وألف الدراهم ، ولكنهم حذفوا لفظ الجمع استخفافا فاجتزؤوا بلفط الواحد ، وفيه وجه آخر ، وهو أن المئة تشبه العشرة ؛ لأنها عقد مثلها ، وتشبه التسعين وما قبلها من العشرات لأنها عقد ، وكان حقها أن تجري مجرى ما قبلها من العشرات في تبيينها بواحد منصوب منكور ، ألا ترى أن العشرة تجري مجرى التسعة فلما حصل من المئة شبه العشرة والتسعين جعلت مضافة كما أن العشرة مضافة ، وجعل الذي يبينها واحدا كما أن التسعين يبينها واحد.
فإن قال قائل : فلم خالفت العشرة إذا أريد بها المذكر لعشرة المؤنث فحركت في المذكر وسكنت في المؤنث ، وما قبلها من الأعداد لا يخالف المذكر فيه المؤنث إلا بالهاء فقط؟
فالجواب في ذلك : أن العشرة لما صارت عقدا ، وكانت العقود التي بعدها تخالف العشرات والمئين أرادوا أن تكون العشرة أيضا مخالفة لما قبلها من الآحاد ، فجعلوا تسكين الشين في المؤنث دليلا على هذا المعنى ، وخصّ المؤنث بذلك لأنه أثقل من المذكر فكان تخفيفه أولى.
واعلم أنك إذا زدت على العشرة واحدا أو ما شئت من الآحاد إلى تسعة عشر فإنك تبني الاسمين على الفتح كقولك : أحد عشر درهما ، وتسعة عشر درهما إلا اثني عشر درهما ، فإن الاثنين معرب في جميع الأحوال ، وإنما وجب بناء ما ذكرنا لأن الأصل في قولك أحد عشر : واحد وعشر ، فلما حذفت الواو وهي مزادة تضمن الاسم معنى الواو ، وكل اسم تضمن معنى حرف وجب أن يبنى كما يبنى (أين وكيف) ، فوجب أن تبنى (١) الأسماء لما ذكرنا ، وليس تعلق الاسمين بالواو تعلقا واجبا فلذلك استحقا البناء ، وإنما وجب أن يبنى على حركة لأن لهما قبل البناء حال الإعراب وقد بينا أن الاسم إذا كان معربا ثم دخلت
__________________
(١) في الأصل : يبنى.