تقديم مفعوله عليه نحو قولك : عسى زيد أن يقوم ، فإن (يقوم) في موضع نصب بعسى ولا يجوز أن يتقدم المفعول نحو : أن يقوم عسى زيد؟
فالجواب في ذلك أن عسى ـ وإن كانت على ما ذكره السائل ـ فليست مما تعمل في جميع الأسماء ؛ لأنه لا يجوز أن يكون مفعولها إلا (أن) مع الفعل ولو قلت : عسى زيد القيام أو قياما ، لم يجز لأنها جعلت لتقريب الفعل ، وإذا دخلت على الفعل المضارع كان مستقبلا محضا ، فوجب أن يؤتى بلفظ الاستقبال المحض ليصح تقريبه ، ولم يجز اللفظ بنفس المصدر لأنه لا يدل على زمان بعينه ، فلما صارت عسى تختص بالعمل في بعض الأسماء دون بعض نقصت عن رتبة (ليس) فمنعت من تقديم مفعولها.
فإن قال قائل : فهل يجوز تقديم الخبر على ما دام وما زال (١)؟
قيل له : لا يجوز ذلك عندي فأما امتناعه في مادام فلأنه بمنزلة المصدر وما تعلق بالمصدر فمن صلته وما في الصلة لا تتقدم على الموصول لأنه يجري منه مجرى بعض الاسم ، وبعض الاسم لا يتقدم على بعض ، فلم يجز تقديم خبر ما دام وما زال ، ف (ما) الداخلة على زال للنفي وما دخل في حكم النفي لا يتقدم عليه ، لأن الموجب للنفي حرف ، والحروف ضعاف وليست لها قوة الفعل ، فلم يجز تقديم ما أوجبه حكمها عليها لضعفها ، فلهذا لم يتقدم الخبر على ما زال ولا على ما في أوله (ما) للنفي من سائر الأفعال.
فإن قال قائل : فلو كانت (ما) في ما زال للنفي لجاز أن تقول : ما [زال](٢) زيد إلا قائما ، فلما امتنعت هذه المسألة في ذلك علمنا أنها مخالفة لحكم (ما) الداخلة على كان في قولك : ما كان زيد إلا قائما؟
__________________
(١) للتفصيل انظر شرح ابن عقيل على الألفية ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٧ (ط ٢ دار الفكر).
(٢) في الأصل : ما زيد إلا قائما ... ، وزال زيادة ليست في الأصل يقتضيها سياق المعنى.