للمدلول ، كما يقولون : الألفاظ قوالب المعاني ، أو علاقة السببية
والمسببية ، أو نحو ذلك ، بحسب ما يهدي اليه الذوق ، ويرشد اليه الوجدان الصادق.
(٢) قد يكون
اللفظ الواحد صالحا لأن يكون بالنظر الى معنى واحد مجازا مرسلا واستعارة باعتبارين
، فإذا جاز مراعاة علاقتين أو أكثر فالمعول عليه هو ما لاحظه المتكلم ، فإن لم
يعرف مقصده ، صح للمخاطب أن يعتبر ما يشاء ، ولكن بعد أن ينعم النظر ويرجح أكثرها
قوة وأشدها ملاءمة للغرض ، ومن ثمة يرجح علاقة المشابهة على غيرها ، والمشابهة
الحقيقية على الصورية ، فمثلا المشفر اذا أطلق على شفة الإنسان ، فإن لوحظ في
إطلاقه عليها المشابهة في الغلظ ، فهي استعارة ، وإن لوحظ أنه من إطلاق اسم المقيد
على المطلق كان مجازا مرسلا.
(٣) قسم الإمام
عبد القاهر هذا المجاز الى قسمين : خال من الفائدة ومفيد ، فالخالي منها ما استعمل
في شيء بقيد مع كونه موضوعا في أصل اللغة لذلك الشيء بقيد آخر من غير قصد التشبيه
كالمرسن الذي أصله للحيوان والشفة التي أصلها للإنسان ، والجحفلة التي أصل وضعها
للفرس ، اذا استعمل شيء منها في غير الجنس الذي وضعت له ، كقول العجاج : وفاحما
ومرسنا مسرجا ، يريد أنفا كالسراج ، وقول الآخر :
فبتنا جلوسا
لدى مهرنا
|
|
ننزّع من
شفتيه الصفارا
|
أما المفيد فما
عدا هذا الضرب والاستعارة كما اذا قصد التشبيه في الأمثلة الماضية ، كقولهم في
الذم إنه لغليظ الجحافل وغليظ المشافر ، فإنه بمنزلة أن يقال كأن شفتيه في الغلظ
مشفر البعير ، وعليه قول الفرزدق :
فلو كنت ضبيا
عرفت قرابتي
|
|
ولكن زنجي
غليظ المشافر
|
يريد : ولكنك
زنجي ، كأنه لا يسمو فكره الى معرفة شرفي.
(٤) يلاحظ مما
سبق أن اسم العلاقة يستفاد من وصف الكلمة التي تذكر في الجملة ، فإن كانت الجزء
جعلت العلاقة الجزئية ، وإن كانت الكل جعلت الكلية ، وهكذا.
__________________