لكلّ قوم تاج ، وتاج هؤلاء القوم الشبلي.
قال أبو عمرو بن علوان : سمعت الجنيد يقول :
جزى الله الشبلي عني خيرا ، فإنه ينوب عني في أمر الفقراء شيئا كثيرا.
قال السلمي : سمعت عبد الله بن علي يقول : أخبرني أبو الحسين الفارسي أن الجنيد قال :
إذا كلمتم الشبلي فكلموه من وراء الترس ، فإن سيوف الشبلي تقطر دما ، فقال له ابن عطاء : هو هكذا يا أبا القاسم؟ قال : نعم يا أحمد ، ما ظنك بشخص السيوف في وجهه ، والأسنة في ظهره ، والسهام عن يمينه وشماله ، والنار تحت قدميه؟ قال : فزعقت.
قال عبد الله بن يوسف الصباغ :
كنت مع أبي في الدكان نصبغ ، فلمّا كان يوم من الأيام خرجت فإذا على باب الدكان شيخ جالس ، فقلت مازحا : الشيخ قد صلى الظهر؟ قال : نعم ، والحمد لله ، قلت : أين صليت؟ قال : بمكة. فدخلت إلى أبي ، فقلت : يا أبه ، رجل بباب الدكان قال : صليت الظهر بمكة! فخرج أبي ، فلمّا رآه رجع وقال : هذا الشبلي.
قال أبو الحسين بن سمعون :
اعتل الشبلي ، فقال علي بن عيسى للمقتدر بالله : الشبلي عليل. فأنفذ إليه بطبيب يحمل إليه ما يصف له ، فلمّا كان يوم قال الطبيب للشبلي : والله لو كان دواؤك في قطعة من لحمي ما عسر علي ذلك. قال له الشبلي : دوائي في دون ذلك ، قال : وما هو؟ قال : تقطع الزّنار ، قال : فإذا قطعت الزنار تبرأ؟ قال : نعم. قال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله.
فأخبر الخليفة بذلك ، فقال (١) : أنفذنا بطبيب إلى عليل ، وما علمنا أنّا أنفذنا بعليل إلى طبيب.
قال أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير (٢) :
__________________
(١) في مختصر أبي شامة : قال.
(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٢ من هذا الطريق ، وباختلاف الرواية في حلية الأولياء ١٠ / ٣٠٤.