ذلك خير لي ، ولو سيّرني ما بين الأفق إلى الأفق ـ أو قال : ما بين الشرق والمغرب (١) ـ لسمعت ، وأطعت ، وصبرت ، واحتسبت ، ورأيت أن ذلك خير لي ، ولو ردّني إلى منزلي لسمعت ، وأطعت ، وصبرت ، واحتسبت ، ورأيت أن ذلك خير لي.
وعن شهر بن حوشب عن عبد الرّحمن بن غنم قال :
كنت عند أبي الدّرداء إذ جاءه رجل من أهل المدينة ، فسأله فقال : إني تركت أبا ذرّ يسيّر إلى الرّبذة ، فقال أبو الدرداء : إنّا لله وإنا إليه راجعون! لو أن أبا ذرّ قطّعني عضوا عضوا ما هجته مما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول فيه.
قال الحافظ أبو القاسم ـ رحمهالله ـ :
ولم يسيّر عثمان أبا ذرّ ، لكنه خرج هو إلى الرّبذة لمّا تخوّف من الفتنة التي حذّره النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما خرج عقيب ما جرى بينه وبين أمير المؤمنين عثمان ظنّ أنه هو الذي أخرجه.
ثم أسند عن عبد الله بن الصامت قال : قالت أم ذرّ (٢) :
والله ما سيّر عثمان أبا ذرّ ولكنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا بلغ البناء سلعا فاخرج منها» ، فلما بلغ البناء سلعا وجاوز خرج أبو ذرّ إلى الشام.
وذكر الحديث في رجوعه ، ثم خروجه إلى الرّبذة ، وموته بها.
وعن ضمرة عن ابن شوذب ، عن غالب القطان قال (٣) : قلت للحسن : يا أبا سعيد أعثمان رحمهالله أخرج أبا ذرّ؟ قال : معاذ الله.
قال يزيد بن هارون (٤) ، أخبرنا محمّد بن عمرو قال : سمعت عراك بن مالك قال : قال أبو ذرّ :
إنّي لأقربكم مجلسا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم القيامة. وقال : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ أقربكم منّي مجلسا يوم القيامة من خرج من الدنيا بهيئة (٥) ما تركته فيها» ، وإنّه والله ما منكم أحد إلّا قد تشبث منها بشيء [١٣٣٦٦].
__________________
(١) في مختصر ابن منظور : والغرب.
(٢) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء (٣ / ٣٩٤) ط دار الفكر.
(٣) سير الأعلام ٢ / ٧٢.
(٤) من هذا الطريق رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩ والذهبي في سير الأعلام (٣ / ٣٩٥) ط دار الفكر وحلية الأولياء ١ / ١٦١ ـ ١٦٢.
(٥) عند ابن سعد وسير الأعلام : كهيئة.