[فلما رآه عثمان قال :](١) مرحبا وأهلا يا أخي ، [فقال أبو ذرّ : مرحبا وأهلا بأخي ،](٢) لقد أغلظت علينا في العزيمة ، وأيم الله لو عزمت عليّ أن أحبوا لحبوت ما استطعت ، إني خرجت مع النبي صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة متوجها نحو حائط بني كلاب (٣) ، فأتيته .... (٤) فلما جاء وصفه له ، فجعل يصعد بصره ... (٥) ثم قال لي : «ويحك بعدي» فبكيت ، فقلت : يا رسول الله ، وإني لباق بعدك؟ قال : «نعم ، فإذا رأيت البناء قد علا سلعا ، فالحق بالمغرب ، أرض قضاعة ، فإنه سيأتي عليك يوم قاب قوس أو قوسين ، أو رمح أو رمحين ، خير من كذا وكذا» قال عثمان : أحببت أن أجعلك مع أصحابك ، خفت عليك جهال الناس. قال : كلّا ولكنه أمر من معاوية ، ويوم ما لكم من معاوية.
قال سلمة بن نباتة الحارثي :
خرجنا عمارا أو حجاجا فمررنا بالرّبذة ، فابتغينا أبا ذرّ ، فلم نجده في بيته ، فنزلنا قريبا ، فمر علينا يحمل معه عظم جزور ، فذهب إلى بيته ، ثم أتانا فجلس ، فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لي : «اسمع وأطع من كان عليك ، ولو كان عبدا حبشيا مجدعا» فأبلاني الله أن نزلت على هذا الماء ، وعليه مال الله ، وعليهم رجل حبشي ولا أراه إلّا مجدعا والله ما علمت أنه رجل صدق. وقال له معروفا ملهم من مال الله كل يوم أو ثلاثة أيام جزور ولي من كل جزور عظم ، فقال له القوم : وما لك يا أبا ذرّ؟ قال : كذا وكذا من الغنم. أحدها يرعاها ابن لي والأخرى يرعاها عبدي ، وهو عتيق إلى الحول ، فذكر كذا وكذا من الإبل ، قالوا : والله ، إن أكثر الناس عندنا أمر أصحابك ، قال : والله ما لهم في مال الله حق إلّا لي مثله.
وفي رواية :
فنزلت هذا الماء وعليه رقيق من رقيق مال الله وعليهم عبد حبشي.
قال عبد الله بن سيدان السّلمي (٦) :
__________________
(١) ما بين معكوفتين استدرك عن سير الأعلام ، ومكانه في مختصر أبي شامة : «فتعلق أبو ذر بالأمر الشديد».
(٢) الزيادة اقتضاها السياق عن سير الأعلام.
(٣) في سير الأعلام : بني فلان.
(٤) كلمة غير مقروءة في أبي شامة.
(٥) كلمة غير واضحة عند أبي شامة.
(٦) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٢٧ والذهبي في سير الأعلام ٢ / ٧١.