أرض ذات نخل ، لا أراها إلّا يثرب ، فهل أنت مبلّغ عني قومك ، عسى الله أن ينفعهم بك ، ويأجرك فيهم» [١٣٣٣٩].
فأتيت أنيسا ، فقال : ما صنعت؟ فقلت : صنعت أنّي أسلمت ، وصدّقت ، قال : ما لي (١) رغبة عن دينك ، فإنّي قد أسلمت وصدّقت. فأتينا أمّنا ، فقالت : ما لي (٢) رغبة عن دينكما ، فإنّي قد أسلمت ، وصدّقت. فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا ، فأسلم نصفهم قبل أن يقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة [فقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة](٣) ، فأسلم نصفهم الباقي. وجاءت أسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، إخوتنا ، نسلم على الذي أسلموا عليه ، فأسلموا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله».
رواه ابن عون (٤) ، عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذرّ قال :
صليت قبل أن يبعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم بسنتين ، قلت : أين كنت توجّه؟ قال : حيث وجّهني الله ، كنت أصلي حتى إذا كان نصف الليل سقطت كأني خرقة ـ فذكر الحديث نحو ما مضى إلى أن قال : ـ فانطلق أخي أنيس ، فأتى مكة ، فلمّا قدم قال : أتيت رجلا تسميه الناس الصابئ ، هو أشبه الناس بك.
قال أبو ذرّ :
فأتيت مكة ، فرأيت ، رجلا هو أضعف القوم في عيني ، فقلت : أين الرجل الذي تسميه الناس الصابئ؟ فرفع صوته عليّ ، وقال : صابئ ، صابئ. فرماني الناس حتى كأني نصب أحمر ، فاختبأت بين الكعبة وبين أستارها ، فكنت فيها خمس عشرة من بين يوم وليلة ـ فذكر الحديث في اجتماعه بالنبي صلىاللهعليهوسلم نحو ما مضى ـ وقال : قال صاحبه : يا رسول الله ، أتحفني (٥) بضيافته الليلة.
رواه مسلم في الصحيح مختصرا ، ثم قال (٦) : وحدّثني إبراهيم بن محمّد بن عرعرة ، ومحمّد بن حاتم قالا : أخبرنا عبد الرّحمن بن مهدي ، حدّثنا المثنى بن سعيد ، عن أبي
__________________
(١) في صحيح مسلم : ما بي.
(٢) الزيادة بين معكوفتين عن صحيح مسلم ، للإيضاح.
(٣) الزيادة بين معكوفتين عن صحيح مسلم ، للإيضاح.
(٤) راجع صحيح مسلم ٤ / ١٩٢٣.
(٥) أتحفني بضيافته : أي خصني بها وأكرمني بذلك.
(٦) صحيح مسلم (٤٤) كتاب فضائل الصحابة (٢٨) باب ، رقم ٢٤٧٤ ج ٤ / ١٩٢٣ ـ ١٩٢٤ وأسد الغابة ٥ / ١٠٠ ـ ١٠١ وابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.