أكثم فقال له : إيش قوسمت فيّ؟ أنا قاضي (١) والقاضي يأخذ ولا يعطي ، وأنا من مرو وأنت تعرف ضيق أهل مرو ، وأنا من تميم ، [والمثل إلى بخل تميم](٢).
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا علي بن موسى بن الحسين ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا أبو جعفر الطحاوي ، نا أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو الدمشقي قال :
لما قدم علينا يحيى بن أكثم مع المأمون كان ينظر في أمور الناس ، فدخل إليه رجل في يوم من الأيام ، فكلّمه بكلام لا يصلح له أن يكلّمه به ، فأمر بحبسه ، فلمّا كان في العشيّ ركب إليه المشايخ ، فحدّثني ابن ذكوان وكان فيهم ، قال : فكلّمناه وسألناه تخليته ، قال : فقال : ما أنا حبسته ، فكأنا أنكرنا (٣) ذلك من قوله ، قال : الحقّ حبسه ، والحقّ يطلقه.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٤) ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني يعقوب بن بيان (٥) الكاتب ، حدّثني علي بن يحيى ، قال : كان يحيى بن أكثم وقاعة في الناس شريرا ، وكان يغري المأمون بالناس ، ويقع فيهم عنده ، وكان يثني على عمرو بن مسعدة ويقرّظه عنده ، ولا يزال يذكر فراهته (٦) ونصيحته وحسن صناعته ، فبلغ ذلك عمروا ، فدخل على المأمون فقال : يا أمير المؤمنين ، بلغني أن يحيى بن أكثم يثني عليّ عندك ، وأنا أسألك بالله يا أمير المؤمنين أن تريه أنك قبلت شيئا من قوله فيّ ، فإنه إنما قدّم الثناء عليّ لوقيعة يريد [أن](٧) يوقعها بي لديك لتصدقه في ما يقول ، قال : فضحك المأمون منه وقال : قد أمنت من ذلك ، فلا تخفه مني.
قال : ونا المعافى (٨) ، نا محمّد بن الحسن بن زياد المقرئ ، نا أحمد بن يحيى ثعلب ، أنا أبو العالية الشامي (٩) مؤدب ولد المأمون ، قال : قال المأمون ذات يوم ليحيى بن
__________________
(١) كذا بالأصل وم : قاضي ، بإثبات الياء.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن م وتاريخ بغداد.
(٣) بالأصل : «أنكر» والمثبت «أنكرنا» عن م.
(٤) رواه القاضي المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٤.
(٥) كذا بالأصل وم «بيان» ، وفي الجليس الصالح : «بنان» وهو ما أثبت.
(٦) الفراهة : النشاط.
(٧) سقطت من الأصل وم ، وزيدت عن الجليس الصالح.
(٨) الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٤ ـ ١٥.
(٩) كذا بالأصل وم ، والجليس الصالح : الشامي.