انتفاء الهجرة ، وهو الزعم الذي أيدوه بما نسبوه إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : لا هجرة بعد الفتح.
وقد قرر «عليهالسلام» : أن الهجرة باقية لم تنقطع ..
وأما ما ذكره أمير المؤمنين «عليهالسلام» لمعاوية : من أن الهجرة قد انقطعت يوم أسر أخوه ، فيمكن أن يكون «عليهالسلام» قد أورده وفق مزاعم معاوية وأضرابه ، من أن الهجرة قد انقطعت بفتح مكة.
هذا ، وقد وقع الملتزمون بأنه لا هجرة بعد الفتح في حيص بيص في توجيه كلام علي «عليهالسلام» هذا. ويظهر ذلك جليا مما نقله العلامة المجلسي عن ابن الأثير وابن أبي الحديد المعتزلي وغيرهما ، فقد قال في شرحه للكلام السابق ما ملخصه :
أصل الهجرة المأمور بها الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام.
وقال في النهاية فيه : لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية.
وفي حديث آخر : لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة.
والهجرة هجرتان :
إحداهما : التي وعد الله عليها الجنة في قوله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (١) ، فكان الرجل يأتي النبي «صلىاللهعليهوآله» ويدع أهله وماله لا يرجع في شيء منه ، وينقطع بنفسه إلى مهاجره.
وكان النبي «صلىاللهعليهوآله» يكره أن يموت الرجل بالأرض التي هاجر منها ، فمن ثم قال : «لكن البائس سعد بن خولة» ، يرثي له أن مات بمكة.
__________________
(١) الآية ١١ من سورة التوبة.