الخندق ، ليكون قد وفر على الأمة تلك الويلات والمآسي التي أصابتها بسبب بغيه وإصراره على الجحود والعدوان؟
علما بأن طريقته هذه لا تؤدي إلى التوحيد التام ، وإن كان هو قد نوه بذلك ، لأن كلامه يدل على أن إله محمد «صلىاللهعليهوآله» محق وإله أبي سفيان مبطل ، ولكنه لا يدل على عدم صحة دعوى تعدد الآلهة.
لو لا المعجزة لم يسلم أبو سفيان :
وتذكر رواية الراوندي : أن ذلك كله لم يقنع أبا سفيان بإعلان إسلامه ، رغم تحذير العباس له بأنه إن لم يسلم جوزي بالقتل ..
ولكن النبي «صلىاللهعليهوآله» عامله أيضا بالرفق ، حيث أمر العباس بأن يأخذه إلى خيمته ، وصار أبو سفيان يحدث نفسه : بأنه لو جمع الأحابيش ، فلعله كان يهزم هذا الجيش ، وإذ برسول الله «صلىاللهعليهوآله» يناديه من خيمته ، ويقول له : «إذن كان الله يخزيك».
وكان لا بد لأبي سفيان من أن يخضع للأمر الواقع فقد طفح الكيل ، وبلغ في لجاجه حدا لم يعد له عذر فيه ، فإن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقرأ نواياه ، وأقر أبو سفيان بالشهادتين مرغما ليحقن بذلك دمه.
فوفر على الناس المزيد من الخسائر ، وانسحب من ساحة الصراع المسلح ، ليدير صراعا آخر ، وبطريقة أخرى ، ليكون صراعا من الداخل يهدف إلى السعي للحصول هو وحزبه على أكبر قدر من المكاسب ، بل على أهم المواقع والمناصب ..