وكم بقي حتى وصل إلى عسفان؟ وهل تلوّم في طريقه من المنازل المختلفة بضعة أيام؟ أم أنه أسرع السير وواصله؟ فهذا ما لا تذكره الروايات.
فيحتمل إذن : أن يكون قد سار ببطء ، بحيث لم يصل إلى عسفان حتى مرت عدة أيام ، تكون هي والخمسة أيام الأولى التي أقامها في مكة بعد حصول المجزرة كافية لذهاب الركب إلى المدينة وعودته منها على جناح السرعة ، خوفا من افتضاح أمرهم ..
على ماذا ندمت قريش؟! :
إن ندم قريش على عون بني نفاثة لا يخفف من قبح الجريمة التي ارتكبتها ، ولا يبرر أي إجراء تخفيفي في عقوبتها ، لأن هذا الندم لم يكن لأجل إقرارها ببشاعة وفظاعة الجريمة ، وقبح نقض العهد ، بل هو ندم يؤكد إصرارها على ذلك كله والتزامها به ، ويحمل في ثناياه منطق التأييد ، والرضى ، وعدم التورع عن العودة إلى مثله حينما تسنح الفرصة ، وتأمن من عواقبه وتبعاته السيئة عليها ..
فهو ندم قبيح ، ومرفوض ، ويوجب لها المزيد من الخزي ، والمهانة ، والسقوط. إنه ليس ندما ، بل لجاج وإصرار ، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ..
إنه ندم حقيقته الخوف من انتقام المظلومين ، وأن يدان أهل الحق من الظالمين ، وأهل الباطل ..
وخير دليل على إصرار هؤلاء على باطلهم وسيرهم الدائب في خط الجحود والإنكار للحق ، هو موقفهم الرافض للخيارات العادلة التي وضعها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أمامهم.