حسبما أسلفناه في الصفحات السابقة.
شهر رمضان لماذا؟! :
١ ـ لقد كانت سياسة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في كثير من حروبه مع أعدائه ، وخصوصا في غزوة الفتح ، هي اعتماد عنصر المباغته.
وقد توفر هذا العنصر أيضا في اختيار شهر رمضان المبارك ، وهو شهر الصوم والعبادة ، للقيام بحملة واسعة وكبيرة ، لأن ذلك كان من الأمور التي يقلّ احتمالها في حسابات الناس عادة ، حيث يتوقعون إخلاد الناس للراحة في هذا الشهر ، وعكوفهم على العبادة ، وعزوفهم عن الأسفار ، حتى لا يضطروا لقضاء الصوم في أيام فطر الناس.
وبذلك يصح اعتبار هذا التوقيت من العناصر التي ساعدت على مباغتة القوم ، ومفاجأتهم كما هو ظاهر ..
٢ ـ ثم إن لشهر رمضان أثره الإيحائي في نفوس أهل الإيمان ، من حيث أنه يهيئهم للعيش في كنف الله ، والشعور بحضوره ، ويؤكد علاقتهم به تبارك وتعالى. فكيف إذا انضم إلى ذلك أن حركتهم هذه إنما هي باتجاه بيت الله ، وحرمه ، وأقدس البقاع وأشرفها؟ ويقودهم ويرعاهم أفضل الأنبياء وأكرمهم وأشرفهم؟!.
ولعل أهم ما في الأمر : أن ذلك يحقق درجة كبيرة من التمازج العملي فيما بين المعاني والقيم الإيمانية ، وبين حركة الإنسان في الحياة ، ويعطي هذه الحركة معناها الروحي ، ويتجلى ذلك فيها بعمق ، وبوضوح ، ويمنح الإنسان قدرة أكبر على الشعور بهذا التمازج ، وتتفاعل مشاعره وأحاسيسه معه ، وتحت وطأته.