وسلطانهم ، أو على بعض امتيازاتهم فيه.
وما أشبه الليلة بالبارحة ، حيث كان المستضعفون في مكة قد قبلوا الإسلام في بدء الدعوة ، فلما عرف أسيادهم والمستكبرون من عظمائهم وأشرافهم بالأمر ، لاموهم على ذلك ، ومنعوهم منه ، وواجهوا من أصر على موقفه بالعنف والقسوة البالغة.
فقد ذكروا : أنه لما أظهر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الإسلام أسلم أهل مكة كلهم ، وكانوا يجتمعون على الصلاة حتى ما يستطيع بعضهم أن يسجد من كثرة الزحام ، وضيق المكان ، حتى قدم رؤوس قريش : الوليد بن المغيرة ، وأبو جهل بن هشام ـ بالطائف في أراضيهم ـ فقالوا : تدعون دين آبائكم؟! فكفروا (١).
وهذا بالذات ما جعل ملوك الأرض ـ باستثناء بعضهم ـ يواجهون دعوته «صلىاللهعليهوآله» لهم ، بمزيد من التروي ، والمرونة ، وأرسلوا إليه بكتب نضحت بالإكرام والإعظام ، وبعثوا إليه بالتحف والهدايا ، وقد قال قيصر لأخيه حين طلب منه أن يرمي الكتاب من يده : أترى أرمي كتاب رجل يأتيه الناموس الأكبر؟!
وقد أسلم النجاشي ملك الحبشة.
والمنذر بن ساوى ملك البحرين.
__________________
(١) تاريخ يحيى بن معين ج ٣ ص ٥٣ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٩٠ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ١٨٨ ومجمع الزوائد ج ٢ ص ٢٨٤ وعن فتح الباري ج ٢ ص ٤٥٥ والمعجم الكبير ج ٢٠ ص ٥ وكنز العمال ج ١ ص ٤١١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٧ ص ١٥٥ وعن الإصابة ج ٦ ص ٤٢.