جئت مسرعا لأنظر إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما فعل.
قال : فجئت ، فإذا هو ساجد يقول : يا حي يا قيوم ، يا حي يا قيوم ، لا يزيد عليها. فرجعت إلى القتال. ثم جئت ، وهو ساجد يقول ذلك أيضا. فذهبت إلى القتال. ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك ، حتى فتح الله عليه (١).
ولا يعني ذلك : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يشارك في القتال في بدر أصلا ، فلعله شارك فيه في مراحله الأولى ، حيث لا بد من تشجيع المسلمين ، وتقوية قلوبهم ، حتى إذا تحقق له «صلى الله عليه وآله» هذا الهدف ، انصرف إلى الابتهال والدعاء. ويلاحظ هنا :
١ ـ إن عليا «عليه السلام» يتعاهد النبي «صلى الله عليه وآله» باستمرار ، ولا يغفل عنه لحظة واحدة ، حتى في هذا الموقف ، الذي تبلغ فيه القلوب الحناجر ، وتزيغ الأبصار.
كما ويلاحظ : أنه «عليه السلام» كان في سائر المواطن والأحوال يتعاهد النبي «صلى الله عليه وآله» ، ويأخذ على عاتقه عهدة حفظه وحراسته ، فقد قال يحيى : حدثنا موسى بن سلمة ، قال : سألت جعفر بن عبد الله بن الحسين عن أسطوان علي بن أبي طالب فقال : إن هذه المحرس كان علي بن أبي طالب يجلس في صفحتها التي تلي القبر ، مما يلي باب رسول الله «صلى الله عليه وآله» يحرس النبي «صلى الله عليه وآله» (٢).
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٧٥ و ٢٧٦ عن البيهقي وعن النسائي في اليوم والليلة ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٥٠٢ عنه وعن كنز العمال ج ٥ ص ٢٦٧ عن الحاكم ، والبزار ، وأبي يعلى والفريابي.
(٢) وفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٨.