الثاني : المؤاساة :
فهذه الأخوة إذا ، ليست مجرد توهج عاطفة ، أو شعور نفسي ، وإنما هي أخوة مسؤولة ومنتجة ، تترتب عليها آثار عملية بالفعل ، يحس الإنسان فعلا بجدواها وبفعاليتها ، تماما كالأخوة التي في قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)(١).
حيث جعل مسؤولية الصلح بين المؤمنين متفرعة وناشئة عن الأخوة الإيمانية.
وإذا كانت أخوة خيرة ومنتجة ، فمن الطبيعي أن تبقى ، وأن تستمر ، ومن الطبيعي أيضا أن يستمر الاحتفاظ بها ، والحافظ عليها إلى أبعد مدى ممكن. وقد كانت لهذه المؤاخاة نتائج هامة في تاريخ النضال والجهاد.
وقد امتن الله على نبيه في بدر بقوله : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢).
خلة أبي بكر :
ويروون : أنه «صلى الله عليه وآله» قال : لو كنت متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا (٣).
__________________
(١) الآية ١٠ من سورة الحجرات.
(٢) الآيتان ٦٢ و ٦٣ من سورة الأنفال.
(٣) مصنف عبد الرزاق ج ١٠ عن ابن الزبير ، وفي هامشه عن سعيد بن منصور ، والغدير ج ٩ ص ٣٤٧ عن صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٤٣ باب المناقب ، وباب الهجرة ج ٦ ص ٤٤ ، والطب النبوي لابن القيم ص ٢٠٧.