وقال الواقدي : كره خروج رسول الله «صلى الله عليه وآله» أقوام من أصحابه إلى بدر ، قالوا : نحن قليل ، وما الخروج برأي ، حتى كان في ذلك اختلاف كثير (١).
وقد حكى الله تعالى ذلك ، فقال :
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ)(٢).
نعم لقد كرهوا ذلك لعلمهم بأن قريشا لن تسكت على أمر خطير كهذا.
ومن هنا نعرف : أن قول بعضهم : إن من تخلف لم يكن يظن أن النبي «صلى الله عليه وآله» يلقى حربا (٣) في غير محله ، بل هو محاولة إيجاد عذر للمتخلفين مهما كان فاشلا وغير معقول.
وإلا فالآية الكريمة خير دليل على عدم صحة هذا القول. وخرج المسلمون يريدون العير ، وعلم أبو سفيان بالأمر ، فأرسل إلى قريش يستنفرهم لنجاة العير.
الذين يخشون الناس :
ويذكر هنا : أن عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، والمقداد ، وقدامة بن مظعون ، كانوا يؤذون في مكة ؛ فكانوا يستأذنون النبي «صلى الله عليه وآله» بقتال المشركين ، فلا يأذن لهم ، فلما أمروا بالقتال ، والسير إلى
__________________
(١) مغازي الواقدي ج ١ ص ١٣١.
(٢) الآيتان ٥ و ٦ من سورة الأنفال.
(٣) الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١١٦.