وفي المدينة ـ وبالذات في قباء كما يقولون ـ التقى بالنبي «صلى الله عليه وآله» ، فقدم إليه رطبا على أنها صدقة ، فأبى النبي «صلى الله عليه وآله» أن يأكل منها ، وأمر أصحابه فأكلوا ، وعدها سلمان واحدة.
ثم التقى به في المدينة ، فقدم إليه رطبا على أنها هدية ، فقبلها وأكل منها ، فعدها سلمان ثانية.
ثم التقى به في بقيع الغرقد وهو في تشييع جنازة بعض أصحابه ، فسلم عليه ، ثم استدار خلفه ، فكشف النبي «صلى الله عليه وآله» عن ظهره ، فرأى خاتم النبوة ، فانكب عليه يقبله ويبكي ، ثم أسلم وأخبره بقصته ، وبعد ذلك كاتب سيده ، واستمر يعمل من أجل أداء مال الكتابة ، وأعانه النبي «صلى الله عليه وآله» على ذلك.
وكان أول مشاهده الخندق ، ثم شهد ما بعدها من المشاهد.
وقال ابن عبد البر : إن أول ما شهده بدر ؛ وهو المناسب لمعونة النبي «صلى الله عليه وآله» له ، فراجع في سيرة سلمان وفضائله كتب الحديث والتراجم (١) بالإضافة إلى ما كتبناه عنه في كتابنا : «سلمان الفارسي في مواجهة التحدي».
ملاحظة :
ويلاحظ هنا : أن سلمان لم يسلم بدافع عاطفي ، أو مصلحي ؛ ولم يسلم أيضا استجابة لضغوط أو لجو معين ، وإنما دخل في الإسلام عن قناعة فكرية خالصة ، وبعد أن سعى من أجل الوصول إلى الدين الحق ، ولاقى
__________________
(١) مثل : قاموس الرجال ج ٤ ، والإصابة ج ٢ ص ٦٢ والإستيعاب ، وغير ذلك.