معاوي إنّ الشام شامك فاعتصم |
|
بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا |
وحام عليها بالقبائل والقنا |
|
ولا تكن مخشوش الذراعين وانيا |
فإنّ عليا ناظر ما تجيبه |
|
فأهد له حربا تشيب النواصيا |
وإلّا فسلّم أنّ في الأمر (١) راحة |
|
لمن لا يريد الحرب فاختر معاويا |
وإنّ كتابا يا ابن حرب كتبته |
|
على طمع ، جان (٢) عليك الدواهيا |
سألت عليا فيه ما لا تناله |
|
ولو نلته لم يبق إلّا لياليا |
إلى أن ترى منه التي ليس بعدها |
|
بقاء فلا نكثر عليك الأمانيا |
ومثل عليّ تعتريه بخدعة |
|
وقد كان ما جرّبت من قبل كافيا |
ولو نشبت أظفاره فيك مرة |
|
حذاك ، ابن هند بعض ما كنت حاذيا |
قال : ونا إبراهيم ، نا يحيى قال : حدّثني يعلى بن عبيد الحنفي ، نا أبي قال :
جاء أبو مسلم الخولاني وأناس معه إلى معاوية فقالوا له : أنت تنازع عليا ، أم أنت مثله؟ فقال معاوية : لا والله ، إنّي لأعلم أنّ عليا أفضل منّي ، وأنه لأحقّ بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عمّه؟ ، وإنّما أطلب بدم عثمان ، فائتوه فقولوا له فليدفع إليّ قتلة عثمان ، وأسلّم له ، فأتوا عليا ، فكلّموه بذلك ، فلم يدفعهم إليه (٣).
قال : ونا إبراهيم ، نا يحيى ، نا أحمد بن بشير ، أخبرني شيخ من أهل الشام ، وحدّثني شيخ لنا عن الكلبي.
إن معاوية دعا أبا مسلم الخولاني ـ وكان من قرّاء أهل الشام وعبّادهم ـ فكتب معاوية إلى علي مع أبي مسلم ، وذكر الحديث.
ثم رجع إلى حديث الكلبي ، قال :
ثم إن عليا كتب إلى معاوية (٤) : أما بعد ، فقد رأيت الدنيا وتصرّفها بأهلها ، ومن يقس شأن الدنيا بالآخرة يجد بينهما بونا بعيدا ، ثم إنك يا معاوية قد ادّعيت أمرا لست من أهله ، لا في قديم ولا في حديث (٥) ، ولست تدّعي أمرا بيننا ولا لك عليه شاهد من كتاب الله ولا عهد
__________________
(١) وقعة صفّين : السلم.
(٢) وقعة صفّين : يزجي.
(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ١٤٠ والبداية والنهاية ٨ / ١٣٨.
(٤) نص الكتاب في وقعة صفّين ص ١٠٨.
(٥) وقعة صفّين : لا في القدم ولا في الولاية.