يستلف (١) من أصحابه فلا يزالون يسلفونه حتى لا يبقى معهم شيء ، فيحلفون أنه لم يبق معهم شيء ، فيستلف من عبيده ، فيقول : أيّ فلان ، أسلفني فأضعف لك كما تعلم ، فيسلفونه ، ولا يرى بذلك بأسا ، فربما جاءه السائل ، فلا يجد له شيئا (٢) يعطيه ، فيتغير وجهه عند ذلك ويقول للسائل : أبشر فسيأتي الله بخير ، فيقيّض (٣) الله لابن شهاب أحد رجلين : إما رجل يهدي له ما يسعهم. وإمّا رجل يبيعه وينظره ، قال : وكان يطعمهم الثريد ، ويسقيهم العسل مع ذلك ، قال : وكان ابن شهاب يسمر (٤) على العسل كما يسمر (٥) أهل الخمر ، قال : فكان يحدّثنا ثم يقول : اسقونا حدّثونا.
قال عقيل : وكان إذا رآني قد نعست قال : ما أنت من سمّار قريش الذين قال الله عزوجل (سامِراً تَهْجُرُونَ)(٦) وكانت له قبة معصفرة ، وعليه ملحفة معصفرة وتحته محبس (٧) معصفر.
قرأت على أبي الفضل عبد الواحد بن إبراهيم بن القرة ، عن أبي الحسن علي بن محمّد ابن الخطيب ، أنبأنا أبو الحسين محمّد بن الحسين القطان ، ثنا دعلج بن أحمد بن السجزي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن علي الأبّار ، ثنا علي بن حجر ، ثنا الوليد بن محمّد الموقّري قال (٨) : قيل للزهري : إنّ الناس لا يعيبون عليك إلّا كثرة الدّين ، قال : وكم ديني ، إنّما ديني عشرون ألف دينار ، وأنا مليّ (٩) المحيا والممات ، لي خمسة أعين ، كلّ عين منها ثمن (١٠) أربعين ألف دينار ، وليس يرثني إلّا ابن ابني هذا ، وما أبالي أن لا يرث عني شيئا.
قال الوليد : وكان ابن ابنه فاسقا.
أخبرنا أبو القاسم الشحّامي ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو
__________________
(١) كذا بالأصل وفي «ز» ، والمعرفة والتاريخ : تسلف.
(٢) بالأصل : «شيء» والمثبت عن «ز» ، والمعرفة والتاريخ.
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المعرفة والتاريخ : فيقضي.
(٤) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وفي المعرفة والتاريخ : يسهر.
(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المعرفة والتاريخ : يسهر.
(٦) سورة المؤمنون ، الآية : ٦٧.
(٧) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المعرفة والتاريخ : مجلس معصفر.
(٨) من طريقه روي الخبر في سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٤٠.
(٩) مليّ المحيّا ، يقال : تملّى عمره أي استمتع منه ، والذي في سير أعلام النبلاء : «مليء».
(١٠) بالأصل : «ثمان» والمثبت عن «ز» ، وسير أعلام النبلاء.