من جلسائه يقول : فيه كذا ، ويقول الآخر أيضا : فيه كذا ، قال : فكأنّ سعيد لم يشتفّ فيما سأل عنه لخبرهم ، فبان ذلك لابن شهاب ، فقال : أتحبّ يا أبا محمّد أن تسمع كلما فيه؟ قال : نعم ، قال : فأمسك ، فهذّه ـ الله ـ عليه هذّا حتى كأنما في يده يقرأه حتى جاء عليه كله ، قال : وقال ابن شهاب : والله ما استودعت قلبي حفظ شيء قط فنسيته ولا خرج منه.
قال الزبير : وأنشدني البهلول ابن سليمان بن قرضاب البلوي لفائد بن أقرم يمدح ابن شهاب فنسب في أوّلها ثم قال (١) :
ذر (٢) ذا وأثن على الكريم محمّد |
|
واذكر فواضله على الأصحاب |
وإذا يقال على الجواد بماله |
|
قيل : الجواد محمّد بن شهاب |
أهل المدائن يعرفون مكانه |
|
وربيع باديه (٣) على الأعراب |
يشري وفاء جفانه ويمدّها |
|
بكسور أثباج وفتق لباب |
أخبرتنا أم البهاء بنت البغدادي قالت : أنبأنا أبو طاهر الثقفي ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو الطيّب المنبجي ، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ، ثنا عمّي ، ثنا أبي عن ابن إسحاق ، حدّثني حكيم بن حكيم (٤) قال : قلت لابن شهاب : إن ربيعة بن أبي عبد الرّحمن يقول عن سعيد بن المسيّب كذا ، فقال : أوهم ربيعة ، أنا كنت أحفظ لحديث سعيد بن المسيّب من ربيعة.
قال ابن إسحاق : وسألت ابن شهاب عن شيء فقال : ما بقي أحد فيما بين المشرق والمغرب أعلم بهذا مني ، قال : قلت له : فاشفني ، قال : أمتع الله بك يا أبا بكر.
أخبرنا أبو الحسين القاضي ، وأبو عبد الله الأديب ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا حمد (٥) ـ إجازة ـ.
ح قال : وأنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا علي ، قالا : ، أنبأنا ابن أبي حاتم (٦) ، ثنا أحمد بن سنان الواسطي ، قال : سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يقول : سمعت مالك بن أنس يقول : حدّثني الزهري يوما بحديث ، فلما قام قمت ، فأخذت بعنان دابته ، فاستفهمته ، قال : تستفهمني ما
__________________
(١) الأبيات الثلاثة الأولى في سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٣٢ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٤٣.
(٢) في المصدرين : دع.
(٣) في سير الأعلام : ناديه.
(٤) قوله : «بن حكيم» ليس في «ز».
(٥) تحرفت في «ز» إلى : أحمد.
(٦) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨ / ٧٢.