موضع الفاعل أو المفعول الذي لم يسم فاعله وإلا فلا ، ونسب هذا لسيبويه. قال أصحابنا : والصحيح المنع مطلقا وتقرير هذا في المبسوطات من كتب النحو. ويحتمل أن يكون قوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) مبتدأ وخبرا على التقديرين اللذين ذكرناهما إذا كانت جملة اعتراض ، وتكون في موضع خبر إن ، والتقديران المذكوران عن أبي علي الفارسي وغيره. وإذا جعلنا سواء المبتدأ والجملة الخبر ، فلا يحتاج إلى رابط لأنها المبتدأ في المعنى والتأويل ، وأكثر ما جاء سواء بعده الجملة المصدرة بالهمزة المعادلة بأم (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) (١) ، (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (٢) ، وقد تحذف تلك الجملة للدلالة عليها ، (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا ، سَواءٌ عَلَيْكُمْ) (٣) أي أصبرتم أم لم تصبروا ، وتأتي بعده الجملة الفعلية المتسلطة على اسم الاستفهام ، نحو : سواء على أي الرجال ضربت ، قال زهير :
سواء عليه أي حين أتيته |
|
أساعة نحس تتقي أم بأسعد |
وقد جاء بعده ما عري عن الاستفهام ، وهو الأصل ، قال :
سواء صحيحات العيون وعورها
وأخبر عن الجملة بأن جعلت فاعلا بسواء أو مبتدأة ، وإن لم تكن مصدرة بحرف مصدري حملا على المعنى وكلام العرب منه ما طابق فيه اللفظ المعنى ، نحو : قام زيد ، وزيد قائم ، وهو أكثر كلام العرب ، ومنه ما غلب فيه حكم اللفظ على المعنى ، نحو : علمت أقام زيد أم قعد ، لا يجوز تقديم الجملة على علمت ، وإن كان ليس ما بعد علمت استفهاما ، بل الهمزة فيه للتسوية. ومنه ما غلب فيه المعنى على اللفظ ، وذلك نحو الإضافة للجملة الفعلية نحو :
على حين عاتبت المشيب على الصبا
إذ قياس الفعل أن لا يضاف إليه ، لكن لوحظ المعنى ، وهو المصدر ، فصحت الإضافة.
قال ابن عطية : (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الخبر ، وإنما جرى عليه لفظ الاستفهام لأن فيه التسوية التي هي في الاستفهام ، ألا ترى أنك إذا قلت مخبرا سواء على أقمت أم قعدت أم ذهبت؟ وإذا قلت مستفهما أخرج زيد أم قام؟ فقد
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٤ / ٢١.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٩٣.
(٣) سورة الطور : ٥٢ / ١٦.