قال : فلما كانت الصلاة في الشرع دعاء ، وانضاف إليه هيئآت وقراءة ، سمى جميع ذلك باسم الدعاء والقول إنها من الدعاء أحسن ، انتهى كلامه. وقد ذكر أن ذلك مجاز عندنا ، وذكرنا العلاقة بين الداعي وفاعل الصلاة ، ومن حرف جر. وزعم الكسائي أن أصلها منا مستدلا بقول بعض قضاعة :
بذلنا مارن الخطى فيهم |
|
وكل مهند ذكر حسام |
منا أن ذر قرن الشمس حتى |
|
أغاب شريدهم قتر الظلام |
وتأول ابن جني ، رحمهالله ، على أنه مصدر على فعل من منى يمنى أي قدر. واغتر بعضهم بهذا البيت فقال : وقد يقال منا. وقد تكون لابتداء الغاية وللتبعيض ، وزائدة وزيد لبيان الجنس ، وللتعليل ، وللبدل ، وللمجاوزة والاستعلاء ، ولانتهاء الغاية ، وللفصل ، ولموافقة الباء ، ولموافقة في. مثل ذلك : سرت من البصرة إلى الكوفة ، أكلت من الرغيف ، ما قام من رجل ، (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) (١) ، (فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ) (٢) ، (بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) (٣) ، (غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) (٤) ، قربت منه ، (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) (٥) ، (يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) (٦) (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) (٧) (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) (٨). ما تكون موصولة ، واستفهامية ، وشرطية ، وموصوفة ، وصفة ، وتامة. مثل ذلك : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ) مال هذا الرسول ، (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) ، مررت بما معجب لك ، لأمر ما جدع قصير أنفه ، ما أحسن زيدا. (رَزَقْناهُمْ) الرزق : العطاء ، وهو الشيء الذي يرزق كالطحن ، والرزق المصدر ، وقيل الرزق أيضا مصدر رزقته أعطيته ، (وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) وقال :
رزقت مالا ولم ترزق منافعه |
|
إن الشقي هو المحروم ما رزقا |
وقيل : أصل الرزق الحظ ، ومعاني فعل كثيرة ذكر منها : الجمع ، والتفريق ، والإعطاء ، والمنع ، والامتناع ، والإيذاء ، والغلبة ، والدفع ، والتحويل ، والتحول ، والاستقرار ، والسير ، والستر ، والتجريد ، والرمي ، والإصلاح ، والتصويت. مثل ذلك :
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٣١.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٩.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ٣٨.
(٤) سورة آل عمران : ٣ / ١٢١.
(٥) سورة الأنبياء : ٢١ / ٧٧.
(٦) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٠.
(٧) سورة الشورى : ٤٣ / ٤٥.
(٨) سورة فاطر : ٣٥ / ٤٠.