فتوكل ، وأن يظهر ، بما كسبت أيديكم ، ما تشتهيه الأنفس ، فإن الله الغني ، ولا يخاف عقباها. وكتب أهل العراق : ووصى ، سارعوا ، ويقول ، من يرتد ، والذين اتخذوا ، خيرا منها ، وتوكل ، أن يظهر ، فيما كسبت أيديكم ، ما تشتهي ، فإن الله هو ، فلا يخاف. وبها متعلق بأوصى ، والضمير عائد على الملة في قوله : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ) (١) ، وبه ابتدأ الزمخشري ، ولم يذكر المهدوي غيره ، أو على الكلمة التي هي قوله : (أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢) ، ونظيره ، وجعلها كلمة باقية في عقبه ، حيث تقدم (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ). وبهذا القول ابتدأ ابن عطية وقال : هو أصوب ، لأنه أقرب مذكور ، ورجح العود على الملة بأنه يكون المفسر مصرحا به ، وإذا عاد على الكلمة كان غير مصرح به ، وعوده على المصرح أولى من عوده على المفهوم. وبأن عوده على الملة أجمع من عوده على الكلمة ، إذ الكلمة بعض الملة. ومعلوم أنه لا يوصي إلا بما كان أجمع للفلاح والفوز في الآخرة. وقيل : يعود على الكلمة المتأخرة ، وهو قوله : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). وقيل : على كلمة الإخلاص وهي : لا إله إلا الله ، وإن لم يجر لها ذكر ، فهي مشار إليها من حيث المعنى ، إذ هي أعظم عمد الإسلام. وقيل : يعود على الوصية الدال عليها ووصى. وقيل : يعود على الطاعة.
بنيه : بنو إبراهيم ، إسماعيل وأمه هاجر القبطية ، وإسحاق وأمه سارة ، ومدين : ومديان ، ونقشان ، وزمزان ، ونشق ، ونقش سورج ، ذكرهم الشريف النسابة أبو البركات محمد بن علي بن معمر الحسيني الجواني وغيره ، وأم هؤلاء الستة قطورا بنت يقطن الكنعانية. هؤلاء الثمانية ولده لصلبه ، والعقب الباقي فيهم اثنان إسماعيل وإسحاق لا غير. قرأ الجمهور : ويعقوب بالرفع ، وقرأ إسماعيل بن عبد الله المكي ، والضرير ، وعمرو بن فائد الأسواري : بالنصب. فأما قراءة الرفع فتحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون معطوفا على إبراهيم ، ويكون داخلا في حكم توصية بنيه ، أي ووصى يعقوب بنيه. ويحتمل أن يكون مرفوعا على الابتداء ، وخبره محذوف تقديره : قال يا بني إن الله اصطفى ، والأول أظهر. وأما قراءة النصب فيكون معطوفا على بنيه ، أي ووصى بها نافلته يعقوب ، وهو ابن ابنه إسحاق. وبنو يعقوب يأتي ذكر أسمائهم عند الكلام على الأسباط. يا بني : من قرأ ويعقوب بالنصب ، كان يا بني من مقولات إبراهيم ، ومن رفع على العطف فكذلك ، أو
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٣٠.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٣١.